تصريفها بنفسه وبمن يطيعه فأما إذا غلبته بريح أو موج وإذا ضمن غير النفوس في ماله ضمنت النفوس عاقلته إلا أن يكون عبدا فيكون ذلك في عنقه. قال المزني -رحمه الله- وقد قال في كتابه الإجارات لا ضمان إلا أن يمكن صرفها)).
قال في الحاوي: وصورتها في سفينتين سائرتين اصطدمتا فتكسرتا وغرقتا، وهلك من فيها من الناس، وتلف ما فيها من الأموال، فلهما حالتان:
إحداهما: أن يكون منهما تفريط.
والثاني: أن لا يكون منهما تفريط.
فإن كان ملاح كل واحدة من السفينتين المدبر لسيرها مفرطاً وتفريطاً قد يكون من وجوه منها: أن يقصر في آلتها، أو يقلل من أجزائها، أو يزيد في حملها، أو يسيرها في شدة ريح لا يسار في مثلها، أو يغفل عنها في وقت ضبطها فهذا كله وما شاكله تفريط يجب به الضمان، وإذا وجب الضمان بالتفريط تعلق بفصلين: أحدهما: بالنفوس. والثاني: بالأموال.
فأما النفوس فإن عمد الملاحان للصدم والتغريق لنزاع أو شحناء فهما قاتلان عمداً لمن في السفينتين من النفوس، فيجب على كل واحد منهما القود لمن في سفينته وسفينة صاحبه، فيقتل أحدهم بالقرعة، ويؤخذ في ماله نصف ديات الباقين، ويؤخذ النصف الآخر من مال الملاح الآخر.
وإن لم يعمد الاصطدام فلا قود على عاقلة كل واحد منهما نصف ديات ركاب سفينته وركاب السفينة الأخرى، فتكون دية كل واحد من ركاب السفينتين على عاقلة كل واحد من الملاحين، لأن الجناية منهما، إلا أن يكون الملاحان عبدين فيكون الديات من رقبتهما، فإن هلك الملاحان مع الركاب وكانا عبدينن كانت نفوس الركاب هدراُ، لتلف محل جنايتهما، وإن كانا حرينن تحملت عاقلة كل واحد منهما نصف دية كل واحد من الركاب فتكون عاقلة هذا نصف الدية، وعلى عاقلة الآخر نصفها الآخر، ويتحمل عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر، ويكون نصفها الباقي هدراُ لأنه في مقابة جناية نفسه.
وأما الأموال فلا يخلو إما أن تكون لهما أو لغيرهما.
فإن كانت لغيرهما ضمن كل واحد من الملاحين في ماله نصف قيمة المتاع الذي في سفينته، ونصف قيمة المتاع الذي في سفينة الآخر، وضمن الملاح الآخر لنصف الآخر. وإن كان المتاع لهما ضمن كل واحد منهما نصف قيمة متاع صاحبه لجنايته على مال غيره، وكان النص الباقي هدراً، لأنه من جنايته على مال نفسه.
وأما السفينتين فإن كانتا لغيرهما ضمن كل واحد منهما نصف قيمة سفينته وسفينة صاحبه، وإن كانتا لهما ضمن كل واحد منهما نصف سفينة صاحبه وكان نصف سفينته هدرا كما قلنا في الأموال.