قال في الحاوي: وهذا صحيح، وله إذا خرقها ثلاثة أحوال يستوي ضمان الأحوال في جميعها ويختلف فيها ضمان النفوس:
أحدها: أن يكون خرقة لها عمدًا محضًا.
والثاني: أن يكون خطأ محضًا.
والثالث: أن يكون عمد الخطأ، فإن كان عمد الخطأ فهو أن يعمد خرقها وفتحها لغير إصلاح لها ولا لسد موضع فيها، فلا يخلو حال الخرق من ثلاثة أقسام:
أحدهما: أن يكون واسعًا لا يجوز أن تسلم السفينة من مثله فهذا قاتل عمدًا، وعليه القود إن سلم منها، وإن غرق معها ففي ماله ديات من غرق فيها مع قيمة الأموال التالفة فيها.
والقسم الثاني: أن يكون الخرق مما يجوز أن تسلم السفينة مع مثله ويجوز أن تغرق منه فهذا عمد الخطأ لعمده في الفعل وخطئه في القصد، فتكون ديات النفوس مغلظة على عاقلته وضمان الأموال مع الكفارات في ماله، ولا قود عليه.
والقسم الثالث: أن يكون الخرق مما لا يغرق من مثله فيتسع ويغرق فهذا خطأ محض، تكون ديات النفوس مخففة على عاقلته، وضمان الأموال مع الكفارات في ماله، فهذا حكم خرقه إذا كان عامدًا في فعله.
وأما الحالة الثانية: وهو أن يكون الخرق من خطأ محضًا، فهو أن يسقط من يده حجر فيفتحها فيغرق، فتكون ديات النفوس مخففة على عاقلته، وضمان الأموال مع الكفارات في ماله، يستوي فيه الحكم على اختلاف حال الخرق في صغره وكبره.
وأما الحالة الثالثة: وهو أن يكون الخرق منه عمد الخطأ فهو أن يعمد فتحها لعمل عيب فيها فتغرق، أو يدق فيها مسمار فينشق اللوح وتغرق فتكون ديات النفوس مغلظة على عاقلته، وضمان الأموال مع الكفارات في ماله، ولو دق جانبًا منها لعمل فانفتح الجانب الآخر لم يكن عن قصده.
فصل:
وإذا دفع الرجل ولده إلى سابح ليعلمه السباحة فغرق فللولد حالتان:
إحداهما: أن يكون صغيرًا غير بالغ، فتجب ديته على عاقلة السابح مغلظة كالمعلم إذا ضرب صبيًا فمات، لأن له أن يحطه في الماء على شرط السلامة فإذا أفضى إلى التلف كان منسوبًا إلى تقصيره فضمن، كما يكون للمعلم ضرب الصبي للتأديب على شرط السلامة فإذا أفضى إلى التلف صار منسوبًا إلى التعدي فضمن.
والحالة الثانية: أن يكون الولد بالغًا فلا ضمان على السابح، لأن حفظه في الماء إذا كان بالغًا وتجنبه فيه من الغرق متوجه إليه لا إلى السابح فصار التفريط منه لا من غيره فلم يضمن ديته.