لأن دية الخطأ أخماس، وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة ومالك، وما عليه الجمهور أنها مؤجلة في ثلاث سنين.
قال الشافعي: لا اختلاف بين أحدٍ علمته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بها في ثلاث سنين فأضافه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجعل نقله كالإجماع، فاختلف أصحابنا فيما أراده الشافعي بهذا القضاء، لأن أصحاب الحديث اعترضوا على الشافعي فيه وقالوا: ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الشيء فكيف قال هذا".
وقال ابن المنذر: لا أعرف هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وسئل أحمد بن حنبل عن هذا فقال: لا أعرف فيه شيئًا، فقيل له: إن أبا عبد الله قد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لعل أبا عبد الله سمعه من ذلك المدني فإنه كان حسن الظن فيه يعني إبراهيم بن يحي الهجري ولأصحابنا عنه جوابان:
أحدهما: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وطائفة أن مراد الشافعي بقضائه تأجيل الدية في ثلاث سنين، وأنه مروي لكنه مرسل، فلذلك لم يذكر إسناده.
والثاني: أن مراده القضاء بأصل الدية وهو متفق عليه.
فأما تأجيلها في ثلاث سنين فهو مروي عن الصحابة، روي عن عمر وعلي رضي الله عنهما أنهما جعلا دية الخطأ على العاقلة في ثلاث سنين، ولأن العاقلة تتحمل دية الخطأ مواساة، وما كان طريق المواساة كان لأجل فيه معتبرًا كالزكاة، ولما خرجت عن عرف الزكاة في القدر زاد حكمها في الأجل، فاعتبر في عدد السنين أكثر القليل وأقل الكثير فكان ثلاث سنين، وبهذا خالف العبد وقيم المتلفات، لأنه لا مواساة فيهما، ولا اعتبار بما قاله ربيعة إنما مؤجلة في خمس سنين؛ لأن دية الخطأ أخماس، لأن عمد الخطأ أثلاث والأجل فيهما سواء.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ولا مخالفًا في أن العاقلة العصبة وهو القرابة من قبل الأب. وقضى عمر بن الخطاب رضي الله عنه على علي بن أبي طالبٍ بأن يعقل عن موالي صفية بنت عبد المطلب وقضى للزبير بميراثهم لأنه ابنهما".
قال في الحاوي: العاقلة هم العصبات سوى الوالدين من الآباء والمولودين من الأبناء، كالإخوة، وبينهم، والأعمام وبنيهم، وأعمام الآباء والأجداد وبنيهم. وقال مالك وأبو حنيفة: يتحملها الآباء والأبناء وهو من العاقلة كسائر العصبات استدلالًا بأنهم عصبة فاشبهوا في العقل سائر العصبات وهم أولى، لأن تعصيبهم أقوى، ولأن النصرة ألزم فكانوا أحق بتحمل الغرم.