ابتداؤها على الحكم كالزكاة، ولأن من لزمته الدية المؤجلة لم يقف وجوبها وابتداؤها على الحكم كالمقر بقتل الخطأ.
فأما الاحتجاج بالاختلاف فيه فخطأ، لأن تحمل الدية نص، وفي النص على الأجل ما قدمناه من الوجهين، والاختلاف فيهما شاذ حدث بعد تقدم الإجماع فكان مطرحًا.
فصل:
فإذا تقرر ما وصفنا الدية من أن تكون مستحقة في نفس أو فيما سوى النفس فإن كان في نفس فأول أجلها موت القتيل وهو وقت الجناية، سواء كان القتل بتوجيه أو سراية، لأن دية النفس لا تجب إلا بعد تلفها، ثم لا يخلو حال الدية من ثلاثة أضرب:
أحدهما: أن تكون كاملة.
والثاني: أن تكون ناقصة.
والثالث: أن تكون زائدة.
فإن كانت كاملة فهي دية الرجل الحر المسلم، فتجب على العاقلة في ثلاثة سنين، يؤدي بعد انقضاء السنة الأولى ثلثها، بعد انقضاء الثانية ثلث ثان، وبعد انقضاء السنة الثالثة الثلث الباقي، وإن كانت الدية ناقصة كدية المرأة والذمي ففيها وجهان:
أحدهما: أن العاقلة بتحملها في ثلاثة سنين، لأنها دية نفس، فيؤدي في انقضاء كل سنة ثلثها.
والثاني: أنها تؤدي في كل سنة منها ثلث دية الرجل الحر المسلم، فإن كانت دية ذمي فهي ثلث دية المسلم، فتؤدي العاقلة بعد انقضاء السنة جميعها، لأنه القدر الذي تؤديه من دية المسلم، وإن كانت دية امرأة فهي نصف دية الرجل، فيؤدي بعد انقضاء السنة الأولى ثلثيها وهو ثلث دية الرجل، ويؤدي بعد انقضاء السنة الثانية ثلثها الباقي وهو سدس دية الرجل، وإن كانت الدية زائدة كقيمة العبد إذا زادت على دية الحر.
وقيل: إن قيمة العبد تحملها العاقلة ففيها وجهان:
أحدهما: أنها تقسم على ثلاث سنين، يؤدي عند انقضاء كل سنة ثلثها، وإن كان أكثر من ثلث دية الحر، لأنها دية نفس إذا قيل: إنها إن انقضت كانت تؤدي على ثلاث سنين.
والثاني: أنها تؤدي منها عند انقضاء كل سنة قدر الثلث من دية الحر إذا قيل نقصت كانت مؤداة في أقل من ثلاث سنين، فعلى هذا إن كانت قيمته دية وثلثًا أداها في أربع سنين في كل سنة ربعها، وإن كانت دية وثلثين أداها في خمس سنين، في كل سنة خمسها، فهذا حكم ديات النفوس.
فأما ديات ما سوى النفس من الجراح والأطراف فعلى ضربين: