ينوب عنه كما لو تشهد في الرابعة على أنه في التشهد الأول، ثم ذكر أجزأه، وسقط الثاني بنية الأول، وإن كان الثاني فرضاً، والأول نفلاً، ويخالف سجود التلاوة، وسجود السهو، لا يجزيان عن سجود الصلاة، لأنهما ليسا من سجود الصلاة، راتباً، والجلوسان من الصلاة مشروعان فيهما، فجاز أن يسقط أحدهما بنية الآخر. وأيضا سجود التلاوة يقع في موضعه، فلا يقع عن غيره بخلاف السجدة الأولى، ههنا من الركعة الثانية، لأنه لا يجوز أن تصح الثانية قبل تمام الأولى، فإن قيل: فهذه القراءة أيضا قبل إتمام الأولى، قلنا: سجود التلاوة لا يختص بالقراءة المجزية في صلاته بل يتعلق بالتلاوة الصحيحة، وقد وجدت، فإن قيل: فقولوا: إذا قرأ آية السجدة في الركوع يسجد للتلاوة، قلنا: يكره له هذه القراءة، فلا يقع موقعها. وههنا قصد إلى قراءة جائزة، وإنما لم تجز عنه لعدم تمام الأولى من جهة نسيانه.
وقال أبو حامد: "لا نص في سجدة التلاوة وسجدة السهو، ويحتمل أن يقال: تنوب عن الفرض، ولا يبعد"، وهذا غلط، لأن الشافعي، نص عليه حكاه صاحب "الإفصاح"، وغيره. والفرق ظاهر على ما ذكرنا، وإن ذكر في الثانية بعد أن سجد فيها، لا يخلو إما أن يذكر بعد السجدتين، أو بعد إحدى السجدتين، فإن تذكر بعد السجدتين تمت الأولى قولاً واحداً، ولكن بآية الجدتين تتم الأولى؟ ينبني على الأقسام، فإن لم يكن ترك في الأولى جلسة الفصل، وجلسة الاستراحة أيضا، فإن قلنا: ينوب القيام عن جلسة الفصل تمت الأولى بالسجدة الأولى من الثانية، وإن قلنا: لا ينوب القيام عنها تمت الأولى بالسجدة الثانية، وإن كان ترك جلسة الفصل دون جلسة الاستراحة، فإن قلنا: تنوب [١٤٩ ب / ٢] هذه الجلسة عن جلسة الفرض، تمت الأولى، وإلا تمت الثانية، وان ذكر بعد أن سجد في الثانية سجدة واحدة، فكل موضع قلنا: تمت الأولى بالسجدة الأولى من الثانية، فقد تمت ههنا الأولى، ولا حاجة إلى السجود، وكل موضع، قلنا: تمت الثانية، فعليه أن يسجد ههنا سجدة أخرى لتتم الأولى.
وقال أبو حنيفة: "إذا ترك السجدة الثانية من الأولى، لم يمنع من احتساب ما بعدها، بل سجد في آخر صلاته سجدة فتلتحق بموضعها ويسلم ويسجد للسهو"، والى فعل ذلك عمداً محت صلاته عنده، ولا يسجد للسهو. وعندنا إن فعل ذلك عمدا بطلت صلاته، ووافقنا أنه لو ترك سجدتين لم يحتسب الثانية، وكذلك لو ترك ركوعاً لا يحتسب بما بعده.
وقال: "لو ترك أربع سجدات من أربع رجات يسجد في آخر صلاته أربع سجدات متواليات وتجزئه". وبه قال الثوري والأوزاعي والحسن.
وقال الحسن بن مالك بن حيي: "لو ترك ثمان سجدات أتى بهن متواليات". وقال