للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحامل يضرب بطنها فيسقط فقام المغيرة بن شعبة فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة عبد أو أمة. فقال: ائتني بمن يشهد معك قال: فشهد معه محمد بن مسلمة، وقال أبو عبيد: إملاصها ما أزلفته بالقرب من الولادة.

وروى الشافعي عن سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أذكر الله امرءًا أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين شيئًا إلا قاله، فقام حمل بن مالك بن النابغة فقال: كنت بين جاريتين لي فضربت إحداهما الأخرى بسطح فألقت جنينًا ميتًا، فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة عبد أو أمة، فقال عمر: كدنا والله نقضي فيه بآرائنا، قال أبو عبيد: المسطح خشب الخباء.

وقال النضر بن شميل: هو الخشبة التي ترقق بها العجين إذا حلج ليخبز، ويسميها المولودون الصولج، فدل ما رويناه على أن في الجنين غرة عبد أو أمة، فإن قيل: فقد روى في حديث أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فيه غرة أو أمة أو فرس أو بغل، فكيف اقتصرتم على غرة عبد أو أمة دون الفرس والبغل؟

قيل: لأنها رواية تفرد بها عيسى بن يونس عن محمد بن عمر عن أبي سلمة وقد وهم فيها عيسى بن يونس والذي رواه الزهري عن أبي سلمة وعن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أثبت، وناقلوه أضبط، وليس في روايتهم فرس ولا بغل، ولو صحت الرواية لجاز حملها على أن الفرس والبغل جعلا بدلًا من العبد والأمة.

فصل:

فإذا ثبت وجوب الغرة فيه فتكمل الغرة إذا كان كاملًا بالإسلام والحرية، لأن الغرة أكمل ديات الجنين فوجبت في أكملهم وصفًا، ويجب فيه الكفارة، لأنها دية نفس، وتكون الغرة على العاقلة لانتفاء العمد عنه بعدم مباشرته للجناية فلا يكون إلا خطأ محضًا، أو عمد خطأ، والكفارة في مال الجاني فلو ألقت من الضرب جنينين لزمته غرمان وكفارتان، ولو ألقت ثلاثة أجنة لزمه ثلاث غرر وثلاث كفارات، ولو ضربها ثلاثة فألقت جنينًا واحدًا لزمهم غرة واحدة وثلاث كفارات، وهذا كله إذا ألقته ميتًا يختص بالغرة فيه ذكرًا كان أو أنثى، فأما إن ألقته حيًا وجب فيه ديته، وديته إن كان ذكرًا فمائة من الإبل، وإن كان أنثى فخمسون من الإبل، فيستوي في سقوطه ميتًا حكم الذكر والأنثى، ويفترق في سقوطه حيًا حكم الذكر والأنثى، وسمي جنينًا؛ لأنه قد أجنه بطن أمه أي ستره، ولذلك يقال: أجنه الليل إذا ستره، قال الله تعالى: {الأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} [النجم:٣٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>