وفيه قولان:
أحدهما: أن آدم وحده استل من طين وهو المخصوص بخلقه منه قاله قتادة.
والثاني: أنه أراد كل إنسان؛ لأنه يرجع إلى آدم الذي من سلالة من طين قاله مجاهد.
وفي السلالة تأويلان:
أحدهما: أنها الصفوة.
والثاني: أنها القليل الذي ينسل.
ثم ذكر حالة ثانية في الولد فقال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ} [المؤمنون:١٣] يعني به ذرية آدم المخلوقين من تناسل الرجال والنساء، لأنه خلق من طين ولم يخلق من نطفة التناسل، والنطفة هي ماء الذكر الذي تعلق منه الولد وهو أول خلق الإنسان.
وقوله تعالى: {قَرَارٍ} يعني به الرحم {مَّكِينٍ} لاستقراره فيه، فصارت النطفة في أول مبادئ خلقه كالغرس، والرحم في إنشائه كالأرض.
ثم ذكر حالة ثالثة هي للولد ثانية فقال تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً} [المؤمنون:١٤] والعلقة هي الدم الطري الذي انتقلت النطفة إليه حتى صارت علقة، وسميت علقة لأنها أول أحوال العلوق، والعلقة في حكم النطفة في أنه لم يستقر لها حرمة ولم يتعلق بها شيء من الأحكام الثلاثة بإجماع الفقهاء فلا تجب فيها غرة، ولا تصير بها أم ولد، ولا تنقضي بها العدة. ثم ذكر حالة رابعة هي للولد ثالثة فقال تعالى: {فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً} [المؤمنون:١٤] والمضغة اللحم، وهو أول أحوال الجسم، سميت مضغة؛ لأنها بقدر ما يمضغ من اللحم، وهو الذي تقدم فيه الخلاف فأوجب فيه مالك غرة، وأوجب فيه أبو حنيفة حكومة، ولم يوجب فيه الشافعي شيئًا، ولا تصير به على قوله أم ولد وفي انقضاء العدة به قولان:
أحدهما: تنقضي به العدة لما فيه من استبراء الرحم.
والثاني: لا تنقضي به العدة كما لا تصير به أم ولد ولا تجب فيه الغرة.
ثم ذكر حالة خامسة وهي للولد رابعة قال تعالى: {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً} [المؤمنون:١٤] فاحتمل خلق العظم واللحم على وجهين:
أحدهما: أن يكونا في حالة واحدة قد خلق عظمًا كساه لحمًا.
والثاني: أن يكون في حالتين خلق في إحداهما عظمًا ثم كساه بعد استكمال العظم لحمًا فيكون اللحم حالة سادسة وهي للولد خامسة.
ثم ذكر حالة سابعة هي للولد سادسة فقال تعالى: {ثُمَّ أَنشَانَاهُ خَلْقاً آخَرَ} [المؤمنون:١٤] وفيه تأويلان:
أحدهما: أنه نفخ الروح فيه، قاله ابن عباس.