للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها على الجاني، لأن الوارث مبرئ للجاني ومكذب للبينة بمطالبة الضارب، فهذا حكمه إذا مات عقيب سقوطه.

فصل:

فأما إذا تأخرت فمات بعد يوم فما زاد نظر في حاله مدة حياته، فإن لم يزل فيها ضمناً مريضاً حتى مات فالظاهر من موته أنه بضربه فعليه الغرة.

والثاني: أن يكون مدة حياته ساكناً سليماً، فالظاهر من موته أنه من غير الضرب المتقدم، لأنه قد يموت من غير ضرب فلا شيء على الضارب، فإن ادعى الوارث عليه موته من ضربه أحلفه وبرئ بعد يمينه، ولو اشتبهت حاله مدة حياته هل كان فيها ضمناً مريضاً وساكناً سليماً سئل عنه أهل الخبرة من قوابل النساء، لأنهن بعلل المولود أخبر من الرجال، فإن شهدن بمرضه ضمن الضارب ديته، وإن شهدت بصحته لم يضمنها.

قال الربيع: وفيه قول آخر إنه لا تقبل فيه إلا شهادة الرجال، لأنه قد تعرفه منهم من يعرفه، فمن أصحابنا من أثبته قولاً للشافعي ومنهم من أنكره ونسبه إلى الربيع فلو أدعى الوارث مرضه في مدة حياته ليكون الضارب ضامناً لديته وادعى الضارب أنه كان صحيحاً فيها ليبرأ من ديته فالقول قول الضارب مع يمينه، لأن الأصل براءة ذمته ولا ضمان عليه إلا أن يقيم الوارث البينة بمرضه فيحكم بعد إقامتها بمرضه، ويصير القول قول الوارث مع يمينه أنه مات من الضرب ويضمن الضارب ديته، ويجوز أن يشهد بمرضه النساء المنفردات على الظاهر من مذهب الشافعي؛ لأنها حالة يشهدها النساء وهو بمرض المولود أعرف من الرجال، وفيه تخريج قول آخر للربيع إنه لا يسمع فيه إلا شهادة الرجال، إما حكاية عن الشافعي أو تخريجاً عن نفسه على ما قدمناه.

فصل:

ولو اختلفنا في استهلال المولود فادعاه الوارث وأنكره الضارب جاز أن يقبل فيه شهادة النساء المنفردات كما يقبل في الولادة، لأنها حال لا يكاد يحضرها الرجال.

فإن شهدن باستهلاله وحياته قضى على الضارب بديته تتحملها عنه العاقلة، مائة من الإبل إن كان ذكراً أو خمسون من اقبل إن كان أنثى، فلو أقام الضارب البينة أنه سقط ميتاً ولم يستهل حكم ببينة الاستهلال، لأنها تثبت ما نفاه غيرها، وقد يجوز أن يقف على الاستهلال بعض الحاضرين دون بعض فغلب حكم الإثبات على النفي، وإن عدمت البينة لم يخل حال الضارب وعاقلته عند التناكر من ثلاثة أقسام:

أحدها: أن ينكر الضارب والعاقلة معاً حياة الجنين ويدعو أنه سقط ميتاً وقد ادعى الوارث حياته، فالقول قول الضارب وعاقلته مع إيمانهم أنه سقط ميتاً؛ لأن الأصل براءة الذمة وأنه لم يستقر للجنين حكم الحياة، فإذا اختلفوا وجبت الغرة دون الدية.

والثاني: أن يعترف العاقلة بحياة الجنين وينكرها الضارب، فتتحمل العاقلة دية

<<  <  ج: ص:  >  >>