والثاني: أن معونة إحداهما أمان لها، وعقد الأمان لها غير جائز.
وإن ضعف عن قتالهما قاتل إحدى الطائفتين مع الأخرى، ويعتقد أنه ستعين بهم، ولا يعتقد انه معين لهم، وليضم إليه أقربهما إلى معتقده، وأرغبهما في طاعته.
فإن استويا ضم إليه أقلهما جمعًا فإن استويا ضم إليه أقربها داراً، فإن استويا اجتهد رأيه في إحداهما، فإن أطاعته الطائفة التي قاتلها أو انهزمت عنه، عدل إلى الأخرى، ولم يبدأ بقتالها إلا بعد استدعائها ثانية إلى طاعته، لأن انضمامها إليه كالأمان الذي يقطع حكم ما تقدمه من الاستدعاء والحياة.
مسألة
قال الشافعي رضي الله عنه: " ولا يرمون بالمنجنيق ولا نار إلا أن تكون ضرورة بأن يحاط بهم فيخافوا الاصطلام أو يرمون بالمنجنيق فيسعهم ذلك دفعاً عن أنفسهم".
قال في الحاوي: اعلم أن المقصود بقتال أهل البغي كفهم عن البغي والمقصود بقتال أهل الحرب قتلهم على الشرك، فاختلف قتالهما لاختلاف مقصودهما من وجهين:
أحدهما: في صفة الحرب.
والثاني: في حكمها.
فأما اختلافهما في صفة الحرب فمن تسعة أوجه:
أحدها: أنه يجوز أن يكبس أهل الحرب في دارهم غرة وبياتاً، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي.
والثاني: يجوز أن يحاصر أهل الحرب ويمنعهم الطعام والشراب ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي.
والثالث: يجوز أن يقطع على أهل الحرب نخيلهم وأشجارهم وزروعهم، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي.
والرابع: يجوز أن يفجر على أهل الحرب المياه ليغرقوا، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي.
والخامس: يجوز أن يحرق عليهم منازلهم، ويلقى عليهم النار ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي.
والسادس: يجوز أن يلقى على أهل الحرب الحيات والحسك، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي.
والسابع: يجوز أن بنصب على أهل الحرب العرادات ويرميهم بالمنجنيقات، ولا يجوز أن يفعل ذلك بأهل البغي.