الإسلام فأبت أن تسلم, فقتلت" وهذا نص.
ولأنه كفر بعد إيمان فوجب أن يستحق به القتل كالرجل, وهذه علة ورد النص بها في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امراء مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان .. " فكانت أوكد من العائلة المستنبطة, هكذا استنبط من هذا النص علة أخرى, فنقول: كل من قتل بزنًا بعد إحصان قتل بكفر بعد إيمان كالرجل, ومنه علة ثالثة: أن كل من قتل بالنفس قودًا قتل بالردة حدًا كالرجل, فيكون تعليل النص في الثلاثة مستمرًا.
ولأنه حد يستباح به قتل الرجل فجاز أن يستباح به قتل المرأة كالزنى.
فأما الجواب عن نهيه عن قتل النساء والوالدان.
فهو أن خروجه على سبب, روي أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بامرأة مقتولة في بعض غزواته, فقال: "لم قتلت وهي لا تقاتل" ونهى عن قتل النساء والوالدان. فعلم أنه أراد به الحربيات.
فإن قيل: النهي عام فلم اقتصر به على سببه.
قيل: لما عارضه قوله: "من بدل دينه فاقتلوه" ولم يكن بد من تخصيص أحدهما بالآخر, وجب تخصيص الوارد على سببه, وحمل الآخر على عموم, لأن السبب إمارات التخصيص.
وأما الجواب عن حديث ابن عباس: فهو أنه رواية عبد الله بن عيسى عن عفان عن شعبة بن عاصم بن أبي النجود.
قال الدارقطني: وعبد الله بن عيسى هذا كذاب يضع الأحاديث على الثقات. وقد رواه سفيان, عن أبي حنيفة, عن عاصم موقوفًا على ابن عباس وأنكره أبو بكر بن عياش على أبي حنيفة فسكت وتغير. وأنكره سفيان بن عيينة وأحمد بن حنبل. وما كان بهذا الضعف لم يجز أن يجعل في الدين أصلًا.
وأما الجواب عن قياسهم على الصبي: فهو انتفاضه بالشيخ الهرم والأعمى والزمن فإنهم يقتلون بالردة, ولا يقتلون بالكفر الأصلي, والأصل غير مسلم, لأن الصبي لا تصح منه الردة.
وأما الجواب عن قياسهم على الكافرة الحربية: فمنكسر بالأعمى والزمن لا يقتلون بالكفر الأصلي ويقتلون بالردة, ثم المعنى في الحربية أنها مال مغنوم وليست المرتدة مالًا.
وأما الجواب عن استدلالهم بحقن دمها قبل الإسلام فكذلك بالردة بعد الإسلام.
فباطل الأعمى والزمن والرهبان وأصحاب الصوامع, دماؤهم محقونة قبل الإسلام ويقتلون بالردة عن الإسلام, على أن الحربية لما جاز إقرارها على كفرها لم تقتل, ولما لم يجز إقرار المرتدة على كفرها قتلت, لأن وقوع الفرق بينهما في الإقرار على الكفر