ذراري لم نسبهم وقلنا إذا بلغوا لكم العهد إن شئتم وإلا نبذنا إليكم ثم أنتم حرب".
قال في الحاوي: وصورتها: في قوم من أهل العهد أقاموا في دار الإسلام بأمان عقده الإمام لهم على نفوسهم وذراريهم وأموالهم, ثم نقضوا العهد, ولحقوا بدار الحرب, وخلفوا أموالهم وذراريهم في دار الإسلام, زال الأمان عنهم, وصاروا حربًا يقتلون إذا قدر عليهم, كان الأمان باقيًا في ذراريهم وأموالهم, لا يجوز أن تسبى الذراري ولا تغنم الأموال, وإن كانوا في عقد الأمان تبعًا. لأن الأمان قد يجوز أن يعقده الحربي لماله دون نفسه, بأن يكون في دار الحرب فيأخذ أمانًا لمال يحمله إلي دار الإسلام لتجارة أو وديعة فيكون المالك حربًا يجوز أن يقتل, ويكون ماله سلمًا لا يجوز أن يغنم.
ويجوز أن يأخذ الأمان لنفسه دون ماله, فيكون المالك سلمًا لا يجوز أن يقتل, ويكون المال سبيًا يجوز أن يغنم.
وكذلك حكمه مع ذريته يجوز أن يأخذ الأمان له دونهم ولهم دونه, فإذا اشتمل عقد أمانه على نفسه وذريته وماله, ثم نقض أمانه ولحق بدار الحرب زال أمان نفسه وبقي أمان ذريته وماله لا تسبي الذرية ولا يغنم المال.
ولو أخرج معه حين لحق بدار الحرب ذريته وماله, انتقض أمان له وذريته, وجاز غنيمته ماله واسترقاق ذريته, لأن إخراجهما معه نقض لأمانهما وأمانه. ولو خلفها لقي أمانهما مع زوال أمانه.
فصل:
فإذا تقرر أن نقض أمانه لا يكون نقضًا لأمان ما خلفه من ذريته وماله, فسواء حاربنا بعد لحوقه بدار الحرب أو كف عنا يجب علينا حفظ ذريته وماله, وتقر الذرية إلي أن يبلغوا, سواء كان المعاهد حيًا أو ميتًا. فإذا بلغوا: خيرهم الإمام بين المقام في دار الإسلام وبين العود إلي دار الحرب, فإن اختاروا العود إلي دار الحرب لزمه أن يبلغهم مأمنهم, ثم يكونوا بعد بلوغهم حربًا وإن اختاروا المقام في دار الإسلام أقرهم فيها على إحدى حالتين: إما بجزية يبذلونها أو بعهد يستأنفونه, لأن أمانهم بالعهد مقدر بعد البلوغ, وغير مقدر قبل البلوغ فيجوز أمانهم قبل البلوغ بسنين كثيرة, ولا يجوز أن يبلغ أمانهم بعد البلوغ سنة, لأنهم قبل البلوغ من غير أهل الجزية, وهم بعد البلوغ من أهلها.
وأما ماله: فمقر على ملكه ما بقي حيًا على حريته, وله إن تغيرت حاله حالتان:
إحداهما: أن يموت.
والثانية: أن يسترق.
فإن مات أو قتل: ففي ماله قولان:
أحدهما: يغنم فيئًا لبيت المال, لاختصاصه بالأمان على ماله دون ورثته.
والثاني: يكون موروثًا عنه لورثته من أهلي الحرب دون أهل الذمة, لأن أهل الذمة