وروي أن جارية سوداء رفعت إلي عمر فخفقها بالدرة خفقات وقال: أي لكعاء زنيت؟ فقالت: عرّس بي فلان بدرهمين فجيء بصاحبها الذي زنا بها ومهرها الذي أعطاها فقال عمر: ما ترون؟ وعنده عليٌّ وعثمان وعبد الرحمن بن عوف فقال عليّ: أرى أن ترجموا، وقال عبد الرحمن: أرى مثل ما رأى عليّ فقال لعثمان: ما تقول؟ قال: أرى أنها لم تر بأسًا بالذي صنعت وإنما حد الله على من علم من أمر الله تعالى قال: صدقت.
مسألة: قال: لا يجوز على الزنا واللواط وإتيان البهائم إلا أربعةٌ من الشهود.
جملة هذا أن الزنا واللواط وإتيان البهائم لا يثبت بأقل من أربعة من الشهود العدول الذكور لأن الله تعالى قال في الزنا:{ثُمَّ لَمْ يَاتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ}[النور:٤] فجعل المخلص [٢٠/أ] من حد القذف إن شهد أربعة شهود بالزنا واللواط وإتيان البهائم فقيس على هذا، ولأنه مندوبٌ إلى الستر على الزنا فاستظهر في عدد الشهود بالتقدير بالأربعة توصلًا إلى ستره، ولا تقبل فيه شهادة النساء مع الرجال، ولا تقبل فيه الشهادة على الشهادة في أحد القولين، وقال الحسن: تقبل فيه شهادة ثلاثة مع امرأتين قال الشافعي: ثم يتفهم الحاكم حتى يتبينوا أنهم رأوا ذلك منه يدخل في ذلك منها دخول المرود في المكحلة وهذا تحسين العبارة من جهة السلف فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فما قنع إلا بتصريح العبارة قال أصحابنا: ولو قالوا: رأينا ذكره وغاب في فرجها أجزاهم ولا يحتاجون إلي قولهم: مثل المرود في المكحلة لأنه صريح بهذا المعنى، فإن ذكروه كان تأكيدًا والدليل على وجوب التفسير على المشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم استفسر ماعزًا حتى أقر بالزنا على ما ذكرنا فإذا لزم التفسير في الإقرار ففي الشهادة أولى وروي أنه لما شهد أبو بكرة وصاحباه على المغيرة بالزنا جاء زياد ليشهد فقال عمر رضي الله عنه: جاء رجلٌ لا يشهد إلا بالحق إن شاء الله فقال زياد: رأيت ابتهارًا ومجلسًا سيئًا فقال عمر: أهل رأيت المرود دخل المكحلة؟ فقال: لا فأمر بالثلاثة فجلدوا، وروي أنه قال: رأيت نفسًا يعلو وإستًا تنبو ورأيت رجليها على عنقه كأنها أذنا حمار [٢٠/ب] ولا أدري ما وراء ذلك فأسقط شهادته.
قال: ويجوز للشهود أن ينظروا إلي ذلك منها لإقامة الشهادة عليها ليحصل الردع بالحد.
ثم اعلم أن اللواط وهو إتيان الذكور محرَّمٌ وهو من كبائر الذنوب قال الله تعالى في قوم لوط عليه السلام: {أَتَاتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ العَالَمِينَ (١٦٥) وتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء:١٦٥ - ١٦٦] وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أول من لاط إبليس أهبط من الجنة فردًا لا زوجة له فلاط بنفسه فكانت ذريته منه" فإذا أتى ذلك اختلف قول