يختلف بالبكارة والثيابة، ولو تلوط بزوجة نفسه فالمذهب أنه لا حد وقد ذكرنا. وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجهٌ أنه كوطء أخته من الرضاع في ملكه يلزمه الحد في أحد القولين وليس بشيء.
وأما إتيان البهيمة ففيه ثلاثة أقوالٍ. أحدها: يقتل بكل حالٍ وهو ظاهر ما قاله هنا لأنه قرنه باللواط وبه قال أبو سلمة بن عبد الرحمن، ووجهه ما روى عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أتى بهيمةً فاقتلوه واقتلوها معه" وقال عكرمة قلت له: ما شأن البهيمة؟ ما أراه قال ذلك إلا أنه كره أن يؤكل لحمها. وقد عمل بها ذلك العمل. والثاني: حكمه حكم الزنا وبه قال الحسن وروي عن إسحاق بن راهويه أنه قال: يقتل إذا تعمد ذلك وعلم ما جاء من الخبر فيه. فإن درأ عنه إمامٌ القتل لا ينبغي أن يدرأ عنه جلد مائةٍ تشبيهًا بالزنا ولأنه فرج يجب بالإيلاج فيه الغسل فيجب الحد بالإيلاج فيه كفرج الآدمية. والثالث: يعزَّر لأن الشافعي قال في كتاب الشهادات: وإذا شهدوا على رجل بالزنا سألهم الإمام: أزنا بامرأةٍ؟ لأنهم قد يعدون الزنا وقوعًا على بهيمة لعلهم يعدون الاستمناء زنا وهذا نص على أن إتيان البهيمة ليس بزنا، وبه قال [٢٢/أ] أكثر الفقهاء عطاء والنخعي ومالك والثوري وأحمد أبو حنيفة وأصحابه: وجهه أن الحد يجب للردع والزجر، والنفس لا تدعو إلي مواقعة البهيمة فلا يحتاج إلي المبالغة في الردع عنها، ومن أصحابنا من قال: قولًا واحدًا إتيان البهيمة زنا وفي حده قولان كما في اللواط. وتأويل ما قال في الشهادات إنه ربما تعد الشهود إتيان البهيمة زنا والقاضي لا يعده زنا ولهذا يستفسرهم لأن الشافعي رضي الله عنه لا يعده زنا، ومن أصحابنا من قال: قولًا واحدًا إنه ليس بزنا كما صرح في الشهادات وهو اختيار المزني.
وإشراط أربعة من الشهود في هذا لا يدل على أنه زنا لأنه شرط في التعزير الذي هو جنس الحد الذي لا يثبت إلا بأربعة من عدد الشهود الذي شرط في ذلك الحد بخلاف التعزير في الأجناس الأخر لأن حد ذلك الجنس يثبت باثنين. وأما خبر ابن عباس رضي الله عنهما قد قال أبو داود: روى عاصم عن أبي رُزين عن ابن عباس أنه قال: لا حد على الذي أتى بهيمةً وهذا يضعف الرواية المرفوعة، وقال يحيى بن معين: روى المرفوع عمرو بن أبي عمرو وليس بالقوي.
فرع
إذا قلنا: يجب التعزير به فظاهر مذهب الشافعي أنه لا يقبل فيه أقل من أربعة شهود