لو ردت شهادتهم لاختلاف الزنا مع الاتفاق على وجوده منهما بأن شهد اثنان أنه زنا بها يوم الجمعة، والآخران أنه زنا بها يوم السبت أو اثنان أنه زنا بها في الدار، وآخران أنه زنا بها في البيت فليس في هذا تكاذب لأنهما فعلان. فإذا قلنا: نقصان العدد لا يوجب الحد فهذا أولى وإن قلنا: يوجبه (فهنا) وجهان: أحدهما: يحد لأن الشهادة لم تكمل بهم. والثاني: لا يلزم الحد لكمال الشهادة بالزنا فكملت في سقوط العفة.
فرع آخر
إذا قلنا: يحد الشهود لا تسمع شهادتهم في شيء لأنه لا يحد للقذف إلا قاذف ولا تقبل شهادته حتى يتوب ولهذا قال عمر رضي الله عنه لأبي بكرة: تُب أقبل شهادتك. وهل يقبل الإخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم: فيه وجهان:
أحدهما: يقبل وهو اختيار أبي حامد [٢٥/ب] لأن المسلمين قبلوا روايات أبي بكرة ومن حد معه لم يقبلوا شهادتهم.
والثاني: لا يقبل وهو الأقيس لأن العدالة في الخبر المتعلق بالدين أولى.
فرع آخر
لو ملك الرجل ذا محرمٍ له مثل أمه من الرضاع أو النسب أو عمته أو خالته لا يجوز له وطؤها فإن وطئها قال في "الإملاء": في قولان أحدهما: لا يحد لشبهة الملك فيه وهو الصحيح وبه قال أبو حنيفة. والثاني: يحد لأنه وطء محرم لا يستباح بحالٍ فهو بمنزلة اللواط.
فرع آخر
لو نكح ذات محرم له ثم وطئها مع العلم بتحريمها يلزمه الحد بلا خلاف على المذهب وكذلك لو نكح المطلقة ثلاثًا، أو البائنة باللعان، أو المرأة الخامسة مع العلم بالتحريم ووطئها يلزمه الحد وبه قال مالك والحسن وأبو يوسف ومحمد، وقال أحمد وإسحاق: يقتل ويؤخذ ماله للخبر في ذلك، وقال سفيان: يدرأ عنه الحد إذا كان التزويج بشهود. وقال أبو حنيفة: يعزر ولا يحد ودليلنا ما روي عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: (بينما) أنا أطوف على إبلٍ لي ضلت إذ أقبل ركب أو فوارس معهم لواء فجعل الأعراب يطيفون بي لمنزلتي من رسول الله [٢٦/أ] صلى الله عليه وسلم إذ أتوا قبةً فاستخرجوا منها رجلًا فضربوا عنقه فسألت عنه فذكروا أنه أعرس بامرأة أبيه، فإن قيل: لعله لم ينكحها قلنا: قوله: أعرس كناية عن النكاح والبناء بالأهل، وقد روى يزيد بن البراء عن أبيه قال: لقيت عمي ومعه لواء فقلت: أين تريد؟ فقال: بعثني رسول