للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجهان أحدهما: ما ذكرنا. والثاني يحد لأن الوطء لا يكون إلا بالانتشار وهو الاختيار.

مسألة قال: وحَدَّ العَبْدِ وَالأَمَةِ أُحْصِنَا بِالتَّزْوِيْجِ أَوْ لَمْ يُحْصَنَا نِصْفُ حَدَّ الحُرَّ.

عندنا حد العبد والأمة في الزنا خمسون جلدة وبه قال مالكٌ وأبو حنيفة وأكثر الفقهاء، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إن تزوجا فعلى كل واحدٍ منهما نصف الحد، وإن لم يتزوجا فلا حد عليهما. وبه قال طاوس وأبو عبيد القاسم بن سلام، وقال داود: أما العبد فيجلد مائةً وأما الأمة فإن تزوجت يلزمها نصف الحد، وإن لم تكن تزوجت ففيه روايتان: إحداهما: حد كامل وهو مائة. والثانية: لا حد عليها لأنه قال في قوله تعالي: {فَإذَآ أُحْصِنَّ} [النساء:٢٥] أي تزوجن {فَإنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ [٣٥/أ] فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المُحْصَنَاتِ مِنَ العَذَابِ} وأمسك عن ذكرهن إذا لم يتزوجن فاحتمل كمال الحد واحتمل أن لا حد والعبد داخلٌ في قوله تعالى: {?لزَّانِيَةُ و?لزاَّنِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور:٢] واحتج ابن عباس رضي الله عنهما بهذه الآية وقرأها صلي الله عليه وسلم (فإذا أحصن) بضم الهمزة أي: تزوجن فإذا لم تتزوج فلا حد عليها بدليل الخطاب.

وقال أبو ثور: إذا لم يحصنا بالتزويج فعليها نصف الحد وإن أحصنا بالتزويج فعليها الرجم وهو قول بعض أهل الظاهر، ودليلنا ما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن فقال: "إن زنت فاجلدوها" إلي أن قال في الرابعة: "ثم إن زنت فبيعوها ولو بضفير" وهذا نصٌ في وجوب الحد قبل التزويج. وقال أبو ثور: يلزم بيعها في الرابعة لهذا الخبر، وروي عن أبي الرحمن السلمي أنه قال: خطب عليّ رضي الله عنه فقال: أيها الناس أقيموا الحدود علي أرقائكم من أحصن منهن ومن لم يحصن فإن أمةً لرسول الله صلي الله عليه وسلم زنت فأمرني أن أجلدها فأتيتها فإذا هي حديثة عهدٍ بنفاسها فخشيت إن أنا جلدتها أن تموت فأتيت النبي صلي الله عليه وسلم فأخبرته فقال: أحسنت.

وروى نافع [٣٥/ب] أن عبدًا كان يقوم علي رقيق الخمس استكره جاريةً من ذلك الرقيق فوقع بها فجلده عمر ونفاه ولم يجلد الوليدة لأنه استكرهها. أما الآية قلنا: قرأ ابن مسعود وعاصم والأعمش والكسائي (أحصن) بفتح الهمزة يعني أسلمن فلا صحة فيما قالوا، وفائدة هذا أنها كانت حربيةً لا يقام عليها الحد لأنه لا يجري حكمنا علي أهل الحرب ثم إن أراد به التزويج فهو بينة علي ما قبل التزويج فإنها أخف حالًا في تلك الحالة فلا يجوز أن يغلظ حدها فتجلد مائةً. وفيه بينة علي أنه لا رجم عليها فإنها لا تجلد كاملًا فالرجم أولي أن لا يجب عليها، واحتج أبو ثور بأنه حدٌ لا يتبعض

<<  <  ج: ص:  >  >>