الحدود قولًا واحدًا وهذا غلط لأن الشافعي نص في هذا الموضع على ما يدل على القولين في الحدود أيضًا، وقال بعض أصحابنا: هل يقضي القاضي بعلمه في الأموال؟ فيه قولان فإذا قلنا: يقضي به ففي الحدود هل يقضي بعلمه؟ وجهان فإذا قلنا: لا يقضي به القاضي فالسيد أولى وإذا قلنا: يقضي القاضي به ففي السيد وجهان كالوجهين في جواز حده بالبينة على ما سنذكره.
فرع آخر
ظاهر نص الشافعي رضي الله عنه أنه يملك سماع البينة فيه ويجتهد في التعديل والتزكية لأن كل من ملك إقامة الحد بالإقرار ملك إقامة الحد بسماع البينة كالقاضي، وقال ابن أبي هريرة: من أصحابنا من قال: لا تسمع البينة في ذلك ضعيف لأنه يمكن ذلك إذا أراد وله معرفة بذلك والإقرار وإقامة الحد يحتاجان إلى الاجتهاد أيضًا وللسيد ذلك كذلك إقامة الحد بالبينة. وقال بعض أصحابنا بخراسان: إن قلنا: للسيد إقامته للولاية فله سماع البينة [٣٧/أ] وإن قلنا: إن له ذلك لاستصلاح الملك فليس له ذلك.
فرع آخر
قال القفال: إذا قلنا سماع البينة لا تحتاج إلى أن يكون السيد عالمًا مجتهدًا إذ يكفي أن يعلم قدرًا يمكن الحكم به، ومن أصحابنا من قال: لابد وأن يكون مجتهدًا عالمًا بالحدود وهذا أقيس وإذا قلنا: لا يسمع البينة فمتى حكم الحاكم بثبوت الزنا ملك السيد إقامة الحد عليه من دون إذنه لأن استيفاءه إليه بعد الثبوت.
فرع آخر
للسيد أن يقيم على عبده حد الشرب وحد القذف لأنهما أضعف من حد الزنا، وأما القطع في السرقة والقتل بالردة ففيهما وجهان والمذهب أن له ذلك وقد نص الشافعي رضي الله عنه في البويطي على القطع من السرقة، وروي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قطع يد عبدٍ له سرق، وروى ابن عمر رضي الله عنهما أن جارية لحفصة سحرتها فاعترفت بذلك فأمرت بها عبد الرحمن بن زيد فقتلها فأنكر ذلك عثمان رضي الله عنه فقال ابن عمر: ما ينكر علي أمير المؤمنين من امرأة سحرت واعترفت فسكت عثمان. ومن أصحابنا من قال: لا يقيم عليهما بل هما إلى الإمام لأنه جوز له إقامة الحد لئلا يبقيه الإمام فيظهر أمره وتنقص قيمته. والقتل القطع أمرٌ ظاهرٌ لا يخفى فكان إلى الإمام ذكره ابن أبي هريرة وصاحب "الإفصاح" وهذا لا يصح [٣٧/ب] لأنه ملك إقامة الحد لقوة ولايته بسبب الملك، ولأنه أقوى ولاية فيه من الحاكم لما ذكروه من المعنى وهذه العلة توجب جواز إقامة كل الحدود ومن أصحابنا من قال: قولًا