والثاني: يكروها سبع مرات، ويكفيه لأن تكرارها أشبه بما فرض عليه دون غيره، وهكذا لو كان يحسن آية من الفاتحة ويحمن الذكر دون القرآن، هل يكروها أم يأتي بها ويكمل بالذكر؟ قيل: قولان، وقيل: وجهان، فإذا قلنا: يكمل بالذكر يلزم مراعاة الترتيب، فإن عوف مثلاً النصف الأول من الفاتحة أتى به، ثم يأتي بالذكر، وإن كان يحسن النصف الأخير منها يأتي بالذكر قدر النصف الأول، ثم يقرأ ما بقي من الفاتحة. [١٦٢ أ / ٢]
ذكره القفال رحمه الله، ولو كان يحمن آية من الفاتحة، ولا يحسن شيئاً آخر لا من القرآن ولا من الذكر كررها سبعاً قولاً واحدً، وإن كان لا يحسن الفاتحة، ولكنه يحسن من غيرها آية واحدة، ولا يحسن غيرها نص في "الأم" على قولين:
أحدهما: يقرأها وست كلمات من الذكر، لأنه لما ناب الذكر عن كل القراءة ناب عنه بعضها.
والثاني: يكررها سبع مرات لأنها بالفاتحة أشبه، فإذا قلنا: يأتي بها وبالذكر أتى بالذكر بعد ست آيات. وإذا قلنا: يكررها سبعاً. قال في "الأم": "يكررها سبعاً أو ثمانياً"، وعندي إنما قال: أو ثمانياً لتقوم المرة الثامنة مقام قراءة السورة، وإن لم يحسن القرآن بحالٍ، ويحسن الذكر يقوم الذكر مقام القراءة قولاً واحداً، ويجب عليه قراءته والذكر ما تقدم في الخبر، وإنما أمر بذلك لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:"أفضل الذكر بعد كلام الله عز وجل، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر".
وقال أبو حنيفة:"لا يلزمه الذكر ويقوم ساكتا قدر القراءة، ثم يركع"، وقال مالك:"لا يلزمه الذكر ولا القيام"، واحتج بأنه موضح من الصلاة، فلا يجب فيه ذكر غير القرآن كالركوع، وهذا غلط لخبر عبد الله بن أبي أوفى. وقد قال الرجل:"فعلمني ما يجزئني". وروى رفاعة بن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:"إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليتوضأ كما أمر الله تعالى، ثم ليكبر، فإن كان معه شي، من القرآن قرأ به، وإن لم يكن معه فليحمد الله، وليكبر"، وليس كالركوع، لأنه قربة في نفسه، فاستغنى عن الذكر بخلاف القيام.
والدليل على بطلان قول مالك: أن القيام فعل واجب في الصلاة، فلا يسقط بتعذر الذكر فيه كسائر الأفعال، فإذا تقرر هذا، ففي قدر الذكر الذي يقيمه مقام الفاتحة، وجهان:
أحدهما: وهو اختيار أبي إسحق يجبه من الذكر بقدر حروف الفاتحة ويسقط اعتبار