هبة الله عز وجل يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور وهم وأموالهم لكم" ولأن على كل واحدٍ منهما نفقة الآخر الأحياء فلا يجب إتلافه لأجل المال. فإن قيل: لم فرقتم بين الأب والابن في القصاص وحد القذف وحد الزنا إذا وطئ جاريته وسويتم بينهما في هذا الحكم؟ قلنا: إن الأب يستحق على الابن جنس الوطء بالإعفاف وهو السبب في اتخاذ الابن فلا يجوز أن يكون سببًا لإعدامه والنفقة تراد لإحياء النفس وهما فيها سواء فصار استحقاقها شبهة لسقوط القطع عنهما، وإذا سرق من سائر الأقارب كالأخوة والأعمام وغيرهم يلزم القطع كما في الأجانب، وقال أبو حنيفة: لا قطع على من سرق من ذي رحم محرم وهذا لا يصح لأنها قرابة لا يتعلق بها رد الشهادة، ولا منع دفع الزكاة فأشبهت قرابة بني الأعمام. [٨٨/أ]
مسألة: قال: ولا قطع في طنبور.
الفصل
قال الشافعي رضي الله عنه هنا: ولا قطع في طنبور ولا مزمار، وقال في مواضع أخر: إلا أن يبلغ قيمته ربع دينار فيقطع وهذا لأن لجميع الناس حق نقص تلك الصنعة المحرمة، فإذا لم تبلغ قيمته نصابًا إلا بالصنعة المحرمة لا يقطع، وإن كان بعد فساد الصنعة المحرمة تبلغ قيمة الواحد نصابًا ليعاد إلى الحالة الأولى ويتخذ منها الملاهي بل لأمرٍ آخر يلزمه القطع. قال أصحابنا: كذلك إذا كان عليه من الذهب والفضة ما يبلغ القطع يقطع، وقال أبو حنيفة: لا يقطع لأن عنده إذا اتصل ما فيه القطع بما ليس فيه لا يقطع، وقال في الصليب من ذهبٍ وزنه نصاب وأكثر لا قطع فيه لأنه اتخذ لأمر محرم ودليلنا أنه سرق نصابًا من ذهب من حرزٍ مثله فيلزمه القطع. وقال بعض أصحابنا بخراسان: لا قطع فيهما بحالٍ لأنهما من آلات اللهو المحرم وليس لهما في الحقيقة حرز لأن كل إنسان مأمور بإفسادها ودخول حرزه ليفسدها ولأنه لا يجوز إمساكها فصار كالمال المغصوب إذا سرق من حرز الغاصب وهذا غلط لأن في المغصوب ما رضي مالكه بحرزه بخلاف هذا، وقيل: فيه ثلاثة أوجهٍ، والثالث قال ابن أبي هريرة: إن أخرجه مفصلًا يقطع لزوال المعصية وإلا فلا [٨٨/ب].
فرع
قال: ولا يقطع في خمر ولا خنزير لأنه لا قيمة لهما، ولا فرق بين أن السرقة من مسلم أو ذميٍّ، وقال عطاء: إذا سرقها من ذمي يقطع لأنهم يعدونه مالًا وهذا غلط لأنه لو سرقه من المسلم يقطع، فكذلك إذا سرقها من الذمي كالدم وهكذا الخلاف معه في الصليب إذا كانت قيمته نصابًا لتأليفه.