للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأطراف وهي مقدمة السكر فنهى عن شربه لئلا يكون ذريعة إلى السكر، وقال أنس فيه: حرمت علينا الخمر حين حرمت وما نجد لخمور الأعناب إلا القليل وعامة خمورهم البسر والتمر وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه سئل عن الطلا وهو العنب يعصر ثم يطبخ ثم يجعل في الدنان قال: أيسكر؟ قالوا: إذا أكثر منه يسكر قال: فكر مسكر حرام، وقال أيضًا: إن النار لا تحل شيئًا ولا تحرمه، وأما الدليل على تحريم الخمر فعلل في قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: ٩١] وهو صريح في التعليل وإن العصير قبل حدوث الشدة المطربة فيه حلال فإذا حدثت الشدة حرمت فإذا زالت الشدة؛ إن تحللت حل فدل على أن العلة هي الشدة المطربة.

وأما خبر ابن عباس قلنا: وقال أحمد بن حنبل: والسكر من كل شراب بفتح السين والكاف وأراد به المسكر فهو دليلنا في تحريم جنس المسكر ومعنى الخبر حرمت الخمر بالنص الظاهر والمسكر ملحق بها بالسنة اسمًا وحكمًا، وأما الخبر الثاني قال أصحاب الحديث: [١١١/ أ] وهم أبو الأحوص فيه والصحيح لا تشربوا مسكرًا، وأما الخبر الآخر قلنا: روينا عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم فتحينت فطره بنبيذ صنعته في دباء ثم أتيته به فإذا هو هش فقال: اضرب بهذا الحائط فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر وروي عن عبد الله بن الديلمي أنه قال: قلت: يا رسول الله إن لنا أعنابًا ما نصنع بها؟ فقال: زببوها قلنا: ما نصنع بالزبيب؟ قال: امذوه على غذائكم واشربوه على عشائكم وابنذوه في الشنان ولا تنبذوه في القلل فإنه إذا تأخر عن عصره صار خلًا، والشنان الأسقية من الأدم وغيرها وواحد شن، والقلل: الجرار الكبار واحدها قلة، وقالت عائشة رضي الله عنها: كان ينبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء فولي أعلاه وله عزلًا ينبذ غدوه فيشربه عشاء وينبذ عشاء فيشربه غدوة، والعزلاء: فم المزادة وقد يكون السقاء من أسفله، وقالت عائشة: كنت آخذ قبضة من تمر وقبضة من زبيب وألقيه في إناء فأمرسه ثم أسقيه النبي صلى الله عليه وسلم، والمرس والمرت: بمعنى واحد وهو الدلك بالأصابع في الماء وهذا كله يدل على أنه لم يكن حرام والحرام شرب المسكر، وإنما يشرب الحلو لأن مياههم كانت مالحة ويؤكد ما ذكرنا أن الخمر [١١١/ب] اختلفت أسماؤها ولم يختلف حكمها فكذلك النبيذ اختلفت أسماءه، ولم يختلف حكمه، فمن أسمائه الخمر العقار سميت بذلك لأنها تعاقر الإناء أي: تقيم فيه، والقهوة لأنها تقهي عن الطعام أي: تقطع شهوته، والسلاف: وهو الذي يخرج من العنب بغير اعتصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>