عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا جلد أحدكم فليتق الوجه والفرج". قال أبو إسحاق وفيه تنبيه على كل مقتل كالأذنين والخاصرة.
وقد ذكرنا هل يضرب على الرأس أو لا؟ وقد ذكر في (الحاوي) ويجتنب المواضع القاتلة كالرأس وما يشينه الضرب كالوجه، وقال الماسرجسي: يتقي وجهه وما علاه، قال: وغلط بعض أصحابنا فقال: يضرب على الرأس لأن المزني خص الوجه بالذكر وهذا خطأ لأن الوجه عبارة عن ما علاه. وقال القاضي الطبري: نص الشافعي رضي الله عنه في "البويطي"[١٣٢/ب] في باب إملاء الشافعي قال: ويعطى كل عضو حقه ما خلا الوجه والرأس والمذاكير والبطن ولا يبقى الإشكال مع هذا النص وهذا أصح، وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قال للجلاد: اتق وجهه ومذاكيره ودع له يديه يتقي بهما، وروي عن عمر رضي الله عنه أنه أتى برجل في حد فأتى بسوط فيه شدة فقال: أريد ألين من هذا، ثم أتى بسوط فيه لين فقال: أريد أشد من هذا فأتى بسوط بين السوطين: اضرب ولا تري إبطك وأعط كل عضو حقه.
مسألة: قال: ولا يبلغ بعقوبة أربعين.
وقد ذكرنا هذه المسألة وجملته أن كل معصية لم يقدر فيها حد فللإمام أن يعزره فيها وضرب الابن ابنه، والزوج زوجته يسمى تأديبًا لا تعزيرًا وضرب التعزير يكون ضربًا بين الضربين. وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: ضرب التعزير أشد من حد الزنا ثم حد الشرب ثم حد القذف، قال سفيان الثوري: ضرب حد القذف أشد من حد الشرب وهذا لا يصح لأن التعزير أخف من الحد في عدده فلا يجوز أن يزاد عليه في إيلامه ووجعه، وقال عبد الملك بن عمير: سئل علي رضي الله عنه عن قول الرجل للرجل يا فاسق يا خبيث فقال: هن فواحش فيها تعزير [١٣٣/أ] وليس فيهن حد. وروي أن ابن عباس لما خرج من البصرة استخلف أبا الأسود الدؤلي فأتى بلص نقبل على قوم فأخذوه في النقب فقال: مسكين أراد أن يسرق فأعجلتموه فضربه خمسة وعشرين سوطًا وخلى عنه، وقد ذكرنها أنه لا يبلغ به الحد، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من بلغ ما ليس بحد حدًا فهو من المعتدين" وروي عن عمر رضي الله عنه أنه من كتب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: لا يبلغ بنكال أكثر من عشرين سوطًا، وروي عنه ثلاثين