للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الكُفَّارِ} [التوبة ١٢٣]. فإن قال قائل: فما بال أبي بكر الصديق رضي الله عنه جهز جيش أسامة بن زيد بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم حوله المرتدون قلنا: إنما فعل ذلك لمصلحة فوق المصلحة التي راعيناها وهي تنفيذ عزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي فيها إدراك الخيرات والمصالح، [١٣٥/أ] ألا ترى أن الصحابة رضوان الله عليهم استنكروا رأيه وخافواممن ارتدوا حواليهم من العرب فحلف أبو بكر رضي الله عنه: لا أوفر تجهيز جيش هم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو اتفق للإمام مصلحة مثل ذلك وعلم أن الأهم البداية بجهاد أهل الحروب بدأ بجهادهم، ولا فرق بين أن يكونوا قاهرين أو مقهورين في موضعهم الذي هم فيه، ثم ذكر أنهم يستتابون وأنهم إذا قتلوا وأتلفوا على المسلمين كيف يكون الحكم. وقد شرحنا ذلك.

واعلم أن الشافعي رضي الله عنه ألزم نفسه سؤالًا على وجهه الاستكشاف فقال: فإن قيل: ما فعل أبو بكر في أهل الردة؟ قيل: القوم جاؤوا تائبين تدون قتلانا ولا ندي قتلاكم فقال عمر: لا نأخذ لقتلانا دية، فإن قيل: ما معنى تدون قتلانا؟ قيل: معناه إن كانوا يصيبون غير معتمدين وهذا خلاف حكم أهل الحرب عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فإن قيل: فلا نعلم أحدًا منهم أقيد بأحد. قيل: ولا يعلمون القتل ثبت على أحد بشهادة ولو ثبت [١٣٥/ب] لا نعلم أحدًا أبطل لولي دمًا طلبه والردة لا تدفع عنهم قودًا ولا عقلًا ولا تردهم خيرًا لم يرد شرًا وذكرنا أن الحكم عليهم كالحكم على المسلمين في القود والعقل ثم قال المزني: هذا بخلاف قوله في كتاب" قتال أهل البغي" وهذا عندي أقيس من قوله في كتاب "قتال أهل البغي" يطرح ذلك كله لأن حكم أهل الردة أن يردهم إلى حكم أهل الإسلام لا يرقون ولا يغنمون كأهل الحرب فلذلك يقاد منهم ويغنمون.

مسألة: وإذا قامت لمرتد بينة أنه أظهر القول بالإيمان ثم قتله رجل.

الفصل

قد ذكرنا أنه إذا قتل من عنده أنه مرتد ثم بان أنه قد أسلم هل يلزمه القود؟ فيه قولان: أحدهما: يلزمه القود وهو المنصوص هنا لأنه قال: يعلم توبته أو لا يعلمها.

والثاني: لا يجب القود وتجب الدية والكفارة ولأنه قتل من يعتقد إباحة دمه لكفره فصار شبهة في سقوط القصاص. وقال ابن أبي هريرة: نص على قولين وهما على حالين إن كانت آثار الردة باقية من حبس أو قيد أو اختفاء لا يلزم القصاص، وإن كانت آثارها غير باقية يلزم القصاص لأن له عذرًا عند ظهور العلامة والأثر، وقال صاحب

<<  <  ج: ص:  >  >>