بيده أو ضربه في بعض جسده ضمن هذا كله لأن هذا ليس إليه. فإن قيل: هلا جاز له أن يضرب بعض جسده مثل ما يضرب فمه؟ قلنا: الفم موضع الجناية وضربه أقرب إلى التخلص منه فلا يجوز أن يعدل عنه.
ثم اعلم إن المزني رحمه لله ظن أن الشافعي رضي الله عنه أوجب عليه الضمان حيث لا يقدر على التخلص منه إلا ببعج بطنه فأعرض في آخر الباب عن هذه المسألة وذلك غلط منه، والتأويل إذا قدر على دفعه بما ذكرنا، وأما إذا لم يقدر على التخلص منه إلا ببعج بطنه كان له ذلك وهذا ظاهر في كلامه، وقيل: مذهب المزني أنه لو قدر على تخليصه بلطمة فبعج لم يضمن وعندي لا تصح هذه الرواية عنه.
ثم احتج الشافعي على نفي الضمان عن الدافع إذا راعى درجات فعاله، ورفع إلى عمر رضي الله عنه جارية كانت تحتطب فأتبعها رجل فراودها عن نفسها فرمته بفهر أو بحجر فقتلته فقال عمر: هذا قتيل الله وقتيل الله لا يؤدي أبدًا. فإن قال قائل: قال الشافعي في أول هذا الفصل إن عض قفاه فلم تنله يداه كان له نتر رأسه من فيه [١٣٩/ ب] فكيف قال في آخر المسألة: كان له ضرب فمه حتى يرسله؟ قلنا: أراد بأول المسألة إذا أمسك يديه، وأراد بالثاني: إذا كانت يداه مرسلتين وعلم منه أنه لم يتخلص إلا بالضرب.
مسألة: قال: ولو قتل رجل رجلًا فقال: وجدته على امرأتي.
إذا وجد مع امرأته رجلًا يفجر بها وهما محصنان كان له قتلهما، وكذلك لو وجده يتلوط بابنه أو بغلامه أو يزني بجاريته، نص عليه وأراد له قتل الزاني دون الجارية، وقد روى سعيد بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أصيب دون ماله فهو شهيد، ومن أصيب دون أهله فهو شهيد، ومن أصيب دون دينه فهو شهيد" وروي "من قتل دون أهله أو دون دمه أو دون دينه فهو شهيد" وإن وجده ينال منها فيما دون الفرج فله منعه ودفعه وإن أتى الدفع على نفسه ولا ينتهي إلى القتل إلا أن لا يقدر على دفعه إلا بالقتل وعلى هذا يجوز للأجانب أن يدفعوا كذلك حسبة وعليه ذلك وكلن لا يلزمه الدفع بالقتل متعينًا بخلاف ما لو كان من أهله من ابنته وأخته فإن الفرض في أهله متعين عليه وفي غير أهله الفرض على الكفاية. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم "لعن الركالة" وهو الذي لا يغار على أهله [١٤٠/أ] ولو كانت مكرهة يمنعه دونها، وإن كانت مطاوعة يمنعها لأنه يلزمه صيانة محارم الله تعالى وحفظ حقوقه، وإذا رآه أوقع أو أولج جاز أن يبدأ في دفعه بالقتل وله أن يتعجل لأنه في كل لحظة تمر عليه يواقع للزنا لا يستدرك