يكون الناظر رجلًا أو امرأة وفي الدار رجل أو امرأة، وإن كان يطلع الرجل على الرجل والمرأة على المرأة أخف حظرًا، وإن كان الناظر من ذوي المحارم الذي يجري القصاص بينهما سواء كالإماء والبنات والخالات ففيه وجهان ظاهرانك أحدهما: وهو ظاهر قول أبي حامد أنه يجوز فيهم، وروى عطاء بن يسار [١٤٤/ أ] أن رجلًا قال: يا رسول الله أستأذن على أمي؟ قال: نعم قال: إني أخدمها قال: استأذن عليها فعاوده ثلاثًا فقال: أتحب أن تراها عريانة؟ قال: لا قال: فاستأذن عليها. والثاني: وهو اختيار ابن أبي هريرة لا يجوز لهم رميهم كالآباء لقوله تعالى: {ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ}[النور ٣١] الآية. فشرك بين جميعهم في إباحة النظر إلى الزينة الباطنة لأن الزينة الظاهرة لا تحرم على الأجانب.
فرع آخر
ولو كان الباب مفتوحًا أو كانت كوة واسعة فإن نظر ما رأى الإنكار عليه ولو غض بصره كان أولى، وإن وقف ناظرًا قال أبو حامد: له رميه وفقء عينه للتعدي. وقال أبو القسم الصيمري: ليسه له ويضمن إن فعل لأنه أباح النظر له بفتح بابه ويقال له: رد بابك بخلاف الكورة فإن فيها مرافق من الضوء وغيره فلم تجر العادة بسدها بحال.
فرع آخر
إذا قلنا بالوجه الثاني: فإن وقف في حريم الدار كان لصاحبها منعه من الوقوف عليه، وإن وقف في باحة الطريق لم يكن له منعه من الوقوف ويمنعه من النظر، وباحة الطريق وسطه. وروى أبو هريرة [١٤٤/ب] رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس للنساء باحة الطريق ولكن لهن حجزتاه" أي جانباه.
فرع آخر
لو كان التطلع على دار لا ساكن فيها لم يجز أن يوماء سواء كان فيها مال أو لم يكن لارتفاع العورة.
فرع آخر
لو كان في الدار وحده ولا حرمة له فيها له رمي عينه ذكره أصحابنا، وقال القاضي الطبري: يقتضي مذهب الشافعي رضي الله عنه أن له رمي عينه إذا كان مكشوف العورة، فإن لم يكن مكشوف العورة فالنظر إليه مباح فلا يجوز له رميه كما قال الشافعي: إذا كانت حرمه محرمًا للناظر لم يجز رمي عينه إلا أن تكون مجردة فله رمي عينه، وقال القفال: فيه وجهان، وإن كانت مستورة العورة وكذلك إن كان فيه حرم مستورات وهذا خلاف المشهور من النص.