وقد ذكرنا أنه إذا وقف دابة في طريق المسلمين سواء كان الطريق ضيقًا أو واسًعا، أو ربطها في باب داره فجنت ضمن لأن الوقف في مثل هذا الموضع لا يجوز إلا بشرط السلامة كإخراج الروشن إلى الطريق وإن وقفها في ملكه أو في أرض الموات لم يضمن لأن له أن يقفها فيه والمفرد من لم يتحرز منه وهذا إذا وقفها وغاب عنها، أما إذا كان معها يلزم الضمان بكل حال، وقال الصيمري: لو وقفها في طريق واسع في ناحية أو بفناء داره فأتلفت هل يضمن؟ قولان، وقال في (الحاوي): إن كانت الدابة مشغبة ضمن، وإن كانت غير مشغبة فوجهان بناءًا على القولينفي حفر البئر بفناء داره.
مسألة: قال: ولو جعل في داره كلبًا عقورًا.
الفصل
إذا دخل دار غيره بغير إذنه فعقره الكلب فلا ضمان، وإن أذن له المالك بالدخول فإن أعلمه أنه عقور فلا ضمان وإن لم يعلمه فهل يضمن؟ قولان: سواء أشلاه أو لم يشله أحدهما: يضمن لأنه لما أذن له في الدخول صارت الدار المأذون فيها في حكم ملكه أو صارت في حقه بمنزلة الموات، ولو وقف عقورًا أو دابة عضوضًا في موضع يشترك فيه الناس فعضت ضمن كذلك هنا. والثاني: لا يضمن لأنه دخل باختياره وهذان القولان [١٥١/ب] مخرجان من مسألة السم إذا سم الطعام وقدمه إليه فأكله، وقال بعض أصحابنا بخراسان: هل يلزمه القود؟ فيه قولان فإن قلنا: لا قود فهل تجب الدية؟ فيه وجهان واختار المزني أنه لا ضمان أصلًا وهكذا إذا حفر بئرًا في داره وغطى رأسها وأذن لرجل في الدخول فسقط فيها ففي الضمان قولان، وهكذا إذًا لم يغطها ولكن الداخل أعمى وكذلك إذا نصب في داره حباله وأذن لإنسان في الدخول فأحبلته كان على القولين.
فرع
إذا كان مع الدابة التي هو راكبها ولدها يضمن جناية الولد لأن يده عليهما، وكذلك لو كان معها أخرى مشددة إليها ضمن جنايتها لأن يده عليهما.
فرع آخر
لو أحرق حشيشًا في أرضه فتعدت النار إلى زرع غيره فإن كان زرعه غير متصل بحشيشه فلا ضمان، وإن كان متصلًا فإن كانت الريح مصرفة عن جهة الزرع فهل يضمن؟ فيه وجهان: أحدهما: لا يضمن لأن هبوب الريح ليس من فعله. والثاني: يضمن لأن طبع النار أن تسري إلى جهة الريح هكذا ذكره في (الحاوي) وقد ذكرنا ما قيل في موضع آخر.