رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((القتل في سبيل الله يكفّر كل شيء إلا الدين)) قال: وسواء كان الدين لمسلم أو لكافر ولأنه ينقطع به الكسب ويتعرض للشهادة فيمنع به.
وإن كان موسرًا أو استناب في قضاء دينه والمال حاضر لا يحتاج إلى إذنه لأنه كالمؤدي، وإن كان المال غائبًا لا يخرج إلا بإذنه لجواز أن يتلف المال قبل قضاء دينه. وإن كان الدين مؤجلًا فقد ذكرنا وجهين، وقال بعض أصحابنا بخراسان: هذا إذ لم يكن له وفاء فإن خلف وفاءً فهل له الغزو دون إذنه؟ فيه وجهان والصحيح أن ليس له ذلك لأنه يقتل ويتلف ماله الذي خلفه فيضيع حقه. قال: ولو كان على المرتزقة دين مؤجل فهل له منعه إذا لم يكن له وفاء؟ فيه وجهان: أحدهما: له ذلك. والثاني: ليس له لأنه ربما لا يمكنه قضاء الدين إلا من الرزق فيستفيد ذلك، ولو جاهد بإذن صاحب الدين لم يتعرض للشهادة ولم يتقدم أمام الصف ووقف في وسطها أو حواشيها ليحفظ الدين بحفظ نفسه ذكره في ((الحاوي)).
مسألة: قال: وبإذن أبويه.
الفصل
إذا أراد أن يجاهد وله أبوان مسلمان لم يكن له ذلك بغير إذنهما ولهما منعه لما روى علد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال:[١٧٤/ب] أحيٌّ والداك؟ فقال: نعم فقال صلى الله عليه وسلم: ففيهما فجاهد وروى أيضًا قال: جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: جئت أبايعك على الهجرة وتركت أوي يبكيان فقال: فارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما)) وروي أنه قال: ((فأرجع فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما))، وروي أن رجلًا قال: يا رسول الله أبايعك على الجهاد فقال هل لك من بعل؟ قال: نعم قال: فانطلق فجاهد فإن لك فيه مجاهدًا حسنًا وأراد بالبعل من يلزمه طاعته من والدٍ أو والدة مأخوذ من قولهم: تبعَّل الدار أي: ملكها ومنه سمي الزوج بعلًا. وقال رجل لابن عباس: إني نذرت أن أغزو الروم وإن أبوي يمنعاني فقال: أطع أبويك فإن الروم ستجد من يغزوها غيرك)).
فرع
لو أذن له أبوه دون أمه والأم دون الأب يغلب حكم المنع ولا يخرج.