أفعل، فقال أبو بكر رضي الله عنه: لكني لو تمكنت منك لما أبقيت عليك.
فرع
يكره في الحرب أن يعتمد قتل كل ذي رحم محرم وفيمن عداهم من بني الأعمام وجهان قال ابن أبي هريرة: لا يكره، وقال غيره: لا يكره حتى يتراخي نسبهم ويبعد، وقال صاحب ((الحاوي)): عندي أنه ينظر فإن كانوا من يرث بنسبه ويورث كره له قتلهم لقوة النسب وتأكيدا لحرمة، وإن كان غير ذلك لا يكره.
فرع آخر
لو عمد قتل أحدهم لا جناح عليه وينظر فإن كان لشدة عناده لله تعالى ولرسوله والتعرض بسبهما فليس بمسيء، وإن كان لغيره فقد أساء بدليل خبر أبي عبيدة بن الجراح حين قتل أباه وحمل برأسه [١٧٨/ب] إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم على ما قدمنا بيانه.
مسألة: قال: ولا يجوز أن يغزو بجعل من مال رجل.
الفصل
اعلم أنه لا تدخل النيابة في الجهاد بحال فلا يجوز أن يتطوع عن الغير به فإن فعل وقع عن نفسه، ولا يجوز أن يأخذ عليه أجره فإن فعل كانت الإجارة باطله، ويكون الجهاد عن نفسه ويلزمه رد الأجرة لأنه فرض على الكفاية فإذا حضر الوقعة تعين عليه فلم يجز أن يكون في فرضه المتعين نائبا عن غيره، وكذلك لا يجوز أن يكون قد جاهد عن نفسه مره أو لم يجاهد، لأنه إذا جاهد عن نفسه أعاد نفسه ثم عاد مرة أخري وحضر الوقعة تعين عليه ويصير دافعا كما تعين عليه في المرة الأولي ولهذا تفارق الحجة الثانية فإنها لا تجب عليه وإنما هي تطوع فكان له أن يحج عن غيره، فإن قيل: قال الشافعي رضي الله عنه: إنما أجرته من السلطان لأنه يغزو بشيء من حقه وهو جواب عن هذا السؤال، ومعناه أن الغازي إن كان من المرابطين فإن له حقا في الفئ وهو في أربعة أخماسه وخمس خمسه للمصالح وذلك من أهم المصالح، وإن كان من الذين يجاهدون إذا نشطوا فإن له سهما في الصدقات وهو السهم الذي جعله في سبيل الله تعالى، فإذا غزا بهذا المال فإنما يغزو عن نفسه بمال هو حقه ولهذا لو رجع عن الجهاد لمانع لم يسترجع منه ما أخذه لحقه فيه. [١٧٩/أ].
فرع
قال أصحابنا: لو بذل الإمام لرجل من خالص ماله على أن يغزو ويدله على شيء، نظر فإن كان البذل ليكون الغزو عن الباذل لم يجز على ما ذكرنا، وإن بذله على أن يكون الغزو للمبذول له جاز ويكون ذلك معونة على فعل الغزو وعن نفسه، وكذلك إذا بذل رجل لرجل مالا ليؤدي فرض نفسه في الحج وغيره جاز وكان له ثواب المال الذي