للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هجر وقال: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" وقال رجل لعلي بن أبي طالب عليه السلام: "أعجبت من أخذ الجزية من المجوس، وليس لهم كتاب فقال علي: كيف تعجب وقد كان لهم كتاب فبدلوا، فأسرى به، فدل ذلك على إجماع الصحابة على أنها لا تؤخذ من غير أهل الكتاب، ولأن كل مشرك لم تثبت له حرمة الكتاب لم يجز قبول جزيته كالعرب، ولأن كل ما منع الشرك منه في العرب منع منه العجم كالمناكح والذبائح.

فأما الجواب عن الحديث الأول فمن وجهين:

أحدهما: أنه ضعيف، نقله أهل المغازي ولم ينقله أصحاب الحديث.

والثاني: حمله على أهل الكتاب بدليلنا.

وأما الجواب عن الحديث الثاني فمن وجهين:

أحدهما: أن أكثر السرايا كانت إلي أهل الكتاب.

والثاني: حمله بأدلتنا على أهل الكتاب.

وأما الجواب عن قياسهم على أهل الكتاب، فالمعنى ثابت لهم من حرمة كتابهم، وأنهم كانوا على حق في إتباعه، وهذا معدوم في غيرهم من عبادة الأوثان، وقولهم: إنها صغار فكانت بعبدة الأوثان أحق.

مسألة:

قال الشافعي: "ومن كان منهم أهل كتاب قوتلوا حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فإن لم يعطوا قوتلوا وقتلوا وسبيت ذراريهم ونساؤهم وأموالهم وديارهم".

قال في الحاوي: اعلم أن أهل الكتاب يوافقون عبدة الأوثان في حكمين ويفارقونهم في حكمين فأما الحكمان في الإنفاق:

فأحدهم: أنه يجوز قتل أهل الكتاب كما يجوز قتل عبدة الأوثان.

والثاني: يجوز سبي أهل الكتاب كما يجوز سبي عبدة الأوثان.

وأما الحكمان في الافتراق فأحدهما: أنه يجوز أخذ الجزية من أهل الكتاب، ولا يجوز أخذها من عبدة الأوثان.

والثاني: أنه تستباح مناكح أهل الكتاب وذبائحهم ولا يستباح ذلك من عبدة الأوثان، وإذا كان كذلك وجب استواء الفريقين في وجوب القتال واختلافهما في الكف عنهم.

فأما أهل الكتاب فيجب قتالهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية، فإن أسلموا أو بذلوا

<<  <  ج: ص:  >  >>