قال في الحاوي: إذا أحرز المشركون أموال المسلمين بغارة، أو سرقة لم يملكوه سواء أدخلوه دار الحرب أو لم يدخلوه، فإن باعوه على مسلم كان صاحبه أحق به من مشتريه بغير ثمن وإن غنمها المسلمون استرجعه صاحبه بغير بدل، وسواء قبل القسمة وبعدها وعلى الإمام أن يعوض من حصل ذلك في سهمه بعد القسمة قيمته من سهم المصالح لما في نقص القسمة من لحوق المشقة، فإن لم تلحق منه مشقة نقصها ولم يعوض.
وقال أبو حنيفة: قد ملك المشركون ما أغار عليهم جماعتهم دون آحادهم من أموال المسلمين، إذا أدخلوه دار الحرب، فإن باعوه صح بيعه، وكان لمالكه أن يأخذه من مشتريه بثمنه وإن غنمه المسلمون منهم استرجعه صاحب قبل القسمة، بغير عوض ولم يسترجعه بعد القسمة إلا بالقيمة احتجاجاً بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له يوم فتح مكة: ألا تنزل دار ل فقال:" وهل ترك لنا عقيل من ربع" فلولا زوال ملكه عنها بغلبة عقيل عليها لاستبقاها على ملكه ونزلها وروى أبو يوسف في سير الأوزاعي عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد وبعير أحرزهما العدو ثم ظفر بهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد أحرزهما العدو ثم ظفر بهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبتهما أن أصبتهما قبل القسمة، فهما لك بغير شيء، وإن وجدتهما قبل القسمة فهما لك بالقيمة قالوا: وهذا نص ولأن كل سبب ملك به المسلمون على المشركين، جاز أن يملك به المشركون على المسلمين كالبيوع، ولأن كل مال أخذ قهراً على وجه التدين ملكه أخذه كالمسلم من المشرك، ودليلنا قول الله تعالى:{وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَؤُوهَا} فامتن علينا بأن جعل أموالهم لنا ولو جعل أموالنا لهم لساويناهم وبطل فيه الامتنان.
وروى أبو قلابة عن أبي المهلب عن عمران الحصين" أن المشركين غاروا على سرح المدينة وأخذوا العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وامرأة من الأنصار فانفلت ذات ليلة من الوثاق فركبت ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم ونجت من طلبهم حتى قدمت المدينة وكانت قد نذرت إن نجاها الله عليها أن تنحرها فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:" بئس ما جازتها لا نذر في معصية ولا فيما لا يملك ابن آدم" وأخذ ناقته منها، فلو ملكها المشركون بالغارة لملكتها الأنصارية بالأخذ، ولما استجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم استرجاعها، ويدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه" فلما لم يحل بهذا الخبر ماله لمسلم، كان أولى أن لا يحل ماله لمشرك، ويتحرر من استدلال هذا الخبر قياسان: