للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغير قتال ولا يمنع أمانة على نفسه من غنيمته وذريته وماله لخصوصه فيه.

والثالث: أن يكون الأمان مطلقا لم يسم فيه المال والذرية بالدخول فيه ولا بالخروج منه فيراعى لفظ الأمان. فإن قيل: فيه لك الأمان اقتضى هذا الإطلاق عموم أمانة على ذريته وماله، لأن من خاف على ذريته وماله ما لم يكن أمناً، وإن قيل: في أمانة لك الأمان على نفسك، اقتضى ذكر نفسه أن يكون الأمان مخصوصًا فيها دون ما سواها من المال والذرية اعتبارًا بخصوص التسمية وأطلق أبو حامد الإسفراييني جوابه في دخول ذريته وماله في أمانه وحمله على هذا التفصيل أصح، وإن لم يتقدم به أحد من أصحابنا لما ذكرناه من التعليل.

فصل:

فإذا صح أمانة على نفسه وماله على التقسيم المذكور كان أانه على نفسه مقدرًا بأربعة أشهر وفيما بين الأربعة أشهر والسنة وجهان: وكان أمانه على ماله غير مقدر ويجوز أن يكون مؤبداً وفي أمانة على ذريته وجهان:

أحدهما: يتقدر بمثل مدته اعتبارًا به، ولأنه أمان على نفس آدمي.

والثاني: يجوز أن يتأبد ولا يتقدر بمدة كالمال، لأنهما تبع فاستويا في الحكم، فإن عاد هذا المستأمن إلى دار الحرب وخلف ذريته وماله في دار الإسلام انقسم حكم عوده ثلاثة أقسام:

أحدها: أن يعود إليها لتجارة أو لحاجة فيكون على أمانه في نفسه، وذريته وماله، ولا ينتقص بدخول دار الحرب كالذمي إذا دخل دار الحرب تاجراً كان على ذمته.

والثاني: أن يعود إليها مستوطناً فيرتفع أمانة على نفسه اعتبارًا بقصده ويكون الأمان على ذريته وماله باقيًا، لأنه يجوز أن ينفرد الأمان على ذريته وماله دون نفسه؛ لأن حربيًا لو أنقذ الى دار الإسلام ذريته وماله على أمان أخذه لهما دون نفسه صح كما يصح أن يأخذه لنفسه دون ذريته وماله، فإذا جمع في الأمان بين ذريته وماله فارتفع في نفسه لم يرتفع في ذريته وماله.

والثالث: أن يعود إلى دار الحرب ناقصاً للأمان محاربًا للمسلمين فينتقض أمانه في نفسه وماله، ولا ينتقض في ذريته، لأن حرمة المال معتبرة به وحرمة الذرية معتبرة بهم ولو كان الأمان منفردًا على ماله لم ينتقض لمحاربته وقتاله، وكان بخلاف ما لو جمعهما الأمان، لأنهما إذا اجتمعنا كان حكمهما مشتركًا وإذا انفرد بالمال كان حكمهما مختلفاً.

فصل:

فإن مات هذا الحربي وله أمان على ذريته وماله ما لم ينتقض أمان ورثته بموته كما لا ينتقض بنقض الأمان وكان ماله موروثاً لورثته من أهل الحرب دون أهل الذمة، لارتفاع التوارث بين أهل الذمة وأهل الحرب، وسواء كان موت هذا المستأمن في دار الحرب،

<<  <  ج: ص:  >  >>