قال يحيي بن آدم وهو المختوم الحجابي: قيل إن ثمانية أرطال، فكان خراجها سوي البر والشعير متفقا علي قدره في الروايات كلها. واختلف في خراج البر والشعير، فذهب أهل العراق إلي تقديره بقفيز ودرهم وهو المأخوذ منهم في الأيام العادلة من ممالك الفرس، وقد ذكره زهير في شعره فقال:
فتغلل لكم ما تغل لأهلها ... قري بالعراق من قفيز ودرهم
وذهب أبو حامد الإسفراييني، وطائفة من أصحاب الشافعي إلي خراج البر أربعة دراهم، وخراج الشعير درهمان، تعويلا علي رواية أبي مجلز. وكلا القولين علي إطلاقه معلول عندي، لأن كل واحد منهما إسقاط للآخر، والصحيح أن كلا الروايتين صحيحتين، وإنما اختلفا لاختلاف النواحي، فوضع علي بعضها قفيز ودرهم، وعلي بعضها أربعة دراهم علي البر ودرهمان علي الشعير، فأخذ الدرهم والقفيز فما كان غالب زراعة برا او شعيرا، لأن ما قل من ناحيته غلا، وما كثر فيها رخص، فزيد من خراج المال ن ونقص من خراج الرخيص، والله أعلم.
فكانت ذراع عثمان بن حنيف في مساحته ذراع اليد وقبضة ممدودة، وكان مبلغ ارتفاع السواد في أيام عمر بن الخطاب مائة ألف ألف درهم، وعشرين ألف ألف درهم وحياة زيادة مائة ألف ألف وخمسة وعشرين ألف ألف، وحياة عبيد الله بن زياد مائة ألف ألف، وخمسة وثلاثين ألف ألف، وحياة الحجاج ثمانيه عشر ألف ألف، لغشمه وإخرابه، وحياة عمر بن عبد العزيز ثمانين ألف ألف، ثم بلغ في آخر أيامه مائة ألف ألف وعشرين ألف ألف، لعدله وعمارته.
فصل:
ولا يسقط عشر الزروع بخراج الأرض، ويجمع بينهما الشافعي لأن الخراج إما أن يكون أجرة علي قوله، أو ثمنا علي قول من خالفه من أصحابه، والعشر يسقط بواحد منهما.
ومنع أبو حنيفة من الجمع بينهما، وأسقط العشر بالخراج، وقد تقدم الكلام معه في كتاب الزكاة. فأما عشر زروعه فمصروف في أهل الصدقات كسائر الزكوات.
وخالف فيه أبو حنيفة، فجعل مصرف الغنيمة والفئ مشتركا، وقد مضي الكلام معه في كتاب قسم الصدقات.
وأما خراج السواد، فمصرفه في كل مصلحه عاد علي المسلمين نفعها من أرزاق الجيش وتحصين الثغور، وابتياع الكراع والسلاح، وبناء المساجد، والقناطر وأرزاق القضاة والأئمة، ومن انتفع به المسلمون الفقهاء، والقراء، والمؤذنين.