قال الشافعي:"ومن بلغ وأمه نصرانية وأبوه مجوسي أو أمه مجوسيه وأبوه نصراني فجزيته جزية أبيه لأن الأب هو الذي عليه الجزية لست أنظر إلي غير ذلك".
قال في الحاوي: وجملته أنه إذا اختلف حكم أبوي الكافر في حكم كفرهما المتعدي عنهما إلي ولدها، تعلق باختلافهما أربعة أحكام.
أحدهما: الجزية.
والثاني: النكاح والذبيحة.
والثالث: عقد الذمة.
والرابع: الدية.
فأما الحكم الأول: وهو الجزية، فهو أن يكون أبوه نصرانيا له جزية، وأمه يهودية لقومها جزية أخري، فجزية الولد جزية أبيه دون أمه سواء قلت جزية أبيه أو كثرت لأمرين:
أحدهما: أنه داخل في نسب أبيه دون أمه، فدخل في جزيته دونها.
والثاني: أن الجزية علي أبيه دون أمه، فدخل في جزية من تجب عليه الجزية دون من لا تجب عليه.
وأما الحكم الثاني: وهو استباحة النكاح والذبيحة، وهو أن يكون أحد أبويه يهوديا، والآخر مجوسيا، فينظر.
فإن كان أبوه مجوسيا وأمه نصرانية، لم تحل ذبيحة الولد ولم ينكح إن كان امرأة تغليبا لحكم الحظر واعتبارا بلحوق النسب.
وإن كان أبوه نصرانيا، وأمه مجوسية، ففيه قولان:
أحدهما: يعتبر بأبيه واستباحة نكاحه، وأكل ذبيحته، تعليلا بلحوق النسب به.
والثاني: يعتبر بأنه في خطر نكاحه، وتحريم ذبيحته، تعليلا لتغليب الحظر علي الإباحة.
وأما الحكم الثالث: وهو عقد الذمة، فهو أن يكون أحد أبويه كتابيا يقر بالجزية، وثنيا لا يقر بالجزية، فقد اختلف كلام أصحابنا فيه، لأن الشافعي عطف به علي استباحة النكاح والذبيحة عطفا مرسلا، فخرج عن اختلافهم فيه أربعة أوجه:
أحدهما: أن يكون في ذمته ودينه ملحقا بأبيه دون أمه اعتبارا بنسبه، فعلي هذا إن كان أبوه كتابيا، فهو كتابي يقر بالجزية، وإن كان وثنيا فهو وثني لا يقر بالجزية.