للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أرادوا حفرها في أفنية دورهم كان علي هذين الوجهين.

مسألة:

قال الشافعي: "وأن يقروا بين هيئتهم في الملبس والمركب وبين هيئات المسلمين وأن يعقدوا الزنانير علي أوساطهم".

قال في الحاوي: أما الفرق بين أهل الذمة والمسلمين في هيئات الملبس والمركب، فيؤخذون به في عقد ذمتهم مشروطا عليهم، ليتميزوا به، فيعرفوا، ولا يتشبهوا بالمسلمين، فيخفوا، لما بينهم وبين المسلمين، من افتراق الأحكام.

والفرق بينهم وبين المسلمين في الهيئات معتبر من ثلاثة أوجه:

أحدهما: في ملابسهم.

والثاني: في أبدانهم.

والثالث: في مواكبهم.

فأما المعتبر في ملابسهم فالاختيار أن يجمع فيه بين أمرين:

أحدهما: لبس الغيار.

والثاني: شد الزنار.

فأما الغيار: فهو أن يغيروا لون ثوب واحد من ملابسهم ولا يلبس المسلمون مثل لونه، إما في عمائهم، وإما في قمصهم، ويكونوا فيما سواه مثل ملابس المسلمين، ويفرق بين غيار اليهود والنصارى، ليتميزوا، وعادة اليهود أن يكون غيارهم العسلي، وهو المائل إلي الصفرة كالعسل، وربما غيروا بنوع من الأزرق يخالف معهود الأزرق، وغيار النصارى أن يكون غيارهم الأدكن، وهو نوع من الفاختي، وربما غيروا بنوع من الصوف وليست هذه الألوان شرطا لا يتجاوز إنما الاعتبار بلون متميز فإذا صار مألوفا منعوا من العدول عنه وإلي غيره، لئلا يقع الاشتباه والإشكال، فإن تشابه اليهود والنصارى في لون الغيار جاز، وإن كان تميزهم فيه أولي.

وأما الزنار فهو كالخيط المستغلظ يشدونه في أوساطهم فوق ثيابهم، وأرديتهم، ويمنعوا أن يستبدلوا بشد المناطق والمنديل، لأن المنطقة من لبس المتخصصين بالرتب من المسلمين، والمناديل في الأوساط من لبس ذوى الصنائع من المسلمين، فلم يتميز بها أهل الذمة، وجميع الألوان من الزنانير سواء بخلاف الغيار، لأن أصل الزنار كالغيار. فإن شرط علي أهل الذمة أحد الأمرين في غيار أو زنار جاز، لأنهم يتميزون به، وإن شرط عليهم الجمع بين الغيار والزنار أخذوا بهما معا، لأنه أبلغ في التميز من أحدهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>