للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسواء كانوا بعشرون المسلمين إذا دخلوا بلادهم أو يخمسونهم أو لا يعرضون لهم".

قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا دخل أهل الحرب بأمان، ولم يشترط عليهم عشور أموالهم، فلا شيء عليهم فيها إذا حملوها معهم، ولا وجه لما قاله بعض أصحابنا إنهم يعشرون اعتبارًا بالعرف المعهود من فعل عمر.

وقال أبو حنيفة: يفعل معهم ما يفعلونه مع تجارنا إذا دخلوا إليهم، فإن كانوا يعشرونهم عشروا، وإن كانوا يخمسونهم خمسوا، وإن كان يتركونهم تركوا؛ لأنها عقولة، وقد قال الله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ٢٦]. وهذا خطأ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شرطهم" ولأن عمر لم يأخذ عشرهم إلا بعد اشتراطه عليهم، ولأنه مال مأخوذ عن أمان، فلم يلزم بغير شرط كالجزية؛ ولأن علو الإسلام يمنع من الاقتداء بهم كما يقتدي بهم في الغدر إن غدروا، فأما الآية فواردة في الاقتصاص ممن مثل به من قتلى أحد، ثم قال: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: ١٢٦].

مسألة:

قال الشافعي رحمه الله تعالى: "وإذا اتجروا في بلاد المسلمين إلى أفق من الآفاق لم يؤخذ منهم في السنة إلا مرة كالجزية وقد ذكر عن عمر عن عبد العزيز أنه كتب أن يؤخذ مما ظهر من أموالهم وأموال المسلمين وأن يكتب لهم براءة إلى مثله من الحول ولولا أن عمر رضي الله عنه أخذه منهم ما أخذناه ولم يبلغنا أنه أخذ من أحد في سنة إلا مرة. قال: ويؤخذ منهم ما أخذ عمر من المسلمين ربع العشر ومن أهل الذمة نصف العشر ومن أهل الحرب العشر إتباعا له على ما أخذ. قال المزني رحمه الله: قد روى الشافعي رحمه الله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من حديث صحيح الإسناد أنه أخذ من النبط من الحنطة والزيت نصف العشر يريد بذلك أن يكثر الحمل إلى المدينة ومن القطنية العشر. قال الشافعي: ولا احسبه أخذ ذلك منهم إلا بشرط".

قال في الحاوي: وهذا كما قال، إذا أخذ من الحربي، عشر ماله في دخوله ثم نقله إلى بلد آخر لم يعشر، وكذلك لو طاف به في بلاد الإسلام، لأنها دار واحدة، فإنه باع ماله واشترى به متاعًا من بلاد الإسلام، وأراد حمله إلى دار الحرب روعي شرط صلحهم، فإن كان مشروطًا عليهم وتعشير أموالهم من دخولهم عشروا خارجين كما عشروا داخلين.

وإن لم يشترط عليهم لم يعشروا في الخروج وعشروا في الدخول، وإذا اتجروا في بلاد الإسلام حتى حال عليهم الحول، قال الشافعي: عشروا بعد انقضاء الحول ثانية

<<  <  ج: ص:  >  >>