للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن يكون طلاقه قيل المطالبة بها، فهو على ضربين:

أحدهما: أن يكون بائنًا بثلاث أو خلع، فلا مهر له؛ لأنه راض بتركها.

والثاني: أن يكون طلاقه رجعيًا، فهو موقوف على رجعته، فإن لم يراجع، فلا مهر له، لتركها عن رضي، وإن راجعها، فله المهر لارتفاع الطلاق بالرجعة، فصار باقيًا على التمسك بها. فإذا ستقر مهرها باستكمال هذه الشروط التسعة، وكانت المطالبة بزوجة أو زوجتين أو ثلاث أو أربع، حكم له بهمورهن كلهن، ولو طالب بعشر زوجات أسلمن عنه وقد نكحهن في الشرك قيل له: اختر من جملتهن أربعًا، ولك مهورهن، ولا مهر لك، فيما عداهن، لاستقرار الشرع على تحرم من زاد على الأربع، وإذا كان المهر مستحقًا، فقد قال أبو حامد الإسفراييني: المستحق فيه هو القدر الذي هو القدر الذي دفعه من قليل وكثير دون مهر المثل، لقول الله تعالى: {وآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا} [الممتحنة ١٠]، والذي عندي أنه يستحق أقل الأمرين من مهر مثلها أو ما دفع، فإن كان أٌلها مهر مثلها رجع به، ولم يرجع بما غرمه من الزيادة عليه؛ لأنه بدل البضع الفائت عليه.

وإن كان أقلها ما غرمه رجع به، ولم يرجع بالزيادة عليه؛ لأنه لم يغرمها، وسواء في استحقاقه المهر بين أن يشترط ردهن في عقد الهدنة، أو لا يشترط، إلا أن الهدنة تبطل باشتراطها ردهن ولا تبطل إن لم يشترط.

فصل:

وأما الفصل الثاني في الرجال فضربان:

أحدهما: في استحقاق رد الأقوياء، فصفة الرد أن يكون إذنًا منه بالعود، وتمكينًا لهم في الرد، ولا يتولاه الإمام جبرًا إن تمانع المردود، وكذلك أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي جندل وأبي بصير في العود، فإن أقام المطلوب على تمانعه من العود قيل للطالب: أنت ممكن من استرجاعه، فإذا قدرت عليه لم تمنع منه، وإن عجزت عنه لم تعن عليه، وروعي حكم الوقت فيما يقتضيه حال المطلوب، فإن ظهرت المصلحة في حثه على العود لتألف قومه أشار به الإمام عليه بعد وعده بنصر الله، وجزيل ثوابه، ليزداد ثباتًا على دينه، وقوة في استنصاره وإن ظهره المصلحة في تثبيطه عن العود أشار به سرًا وأمسك عن خطابه جهرًا، فإن ظهر من الطالب عنف بالمطلوب واعده الإمام، فإن كان لفرط إسفاف تركه، وإن كان لشدة منعه، فإن كان مع المطلوب مال أخذه من الطالب الذي نظر فيه:

فإن كان أخذه قبل الهدنة كان المطلوب أحق به، وإن أخذه بعد الهدنة كان الطلب أحق به؛ لأن أمواله قبل الهدنة مباحة، وبعدها محظورة.

فأما إن كان المطلوب منها مقيمًا على شركه بعد ولو يسلم مكن طالبه منه سواء كان

<<  <  ج: ص:  >  >>