للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أن يكون مكافئًا لدينه كيهودي تنصر أو نصراني تهود، فأصل هذين الدينين سواء في جميع الأحكام ولا يختلف حكمهما بانتقاله من أحد الدينين إلى الآخر إلا في قدر الجزية، فتصير جزيته جزية الدين الذي انتقل إليه دون جزية الذي انتقل عنه سواء كانت أقل أو أكثر.

والثاني: أن يكون الدين الذي انتقل إليه أخف حكمًا من الدين الذي كان عليه، كنصراني تمجس، فينتقل عن أحكامه من الجزية والمناكحة والذبيحة والدية إلى أحكام الدين الذي انتقل إليه، فتقبل جزيته، ولا تحل مناكحته، ولا تؤكل ذبيحته، وتكون ديته ثلثي عشر دية المسلم، بعد أن كانت نصفها كالمجوس في أحكامه كلها، فيصير بذلك منتقلًا من أخف الأحكام إلى أغلظها.

والثالث: أن يكون الدين الذي انتقل إليه أعلى حكمًا من الدين الذي كان عليه كمجوسي تنصر، ففيه وجهان:

أحدهما: أنه يجري عليه حكم الدين الذي انتقل إليه لإقراره عليه في إباحة المناكحة والذبيحة، وقدر الدية، فيصير منتقلًا من أغلظ الأحكام إلى أخفها.

والثاني: أنه يجري عليه أحكام الدين الذي كان عليه في تحريم مناكحته وذبيحته وقدر ديته، تغليبًا لأحكام التغليظ لما تقدم من حرماتها عليه كالمشكوك في دينه من نصارى العرب.

وإن قيل بالقول الثاني: إنه لا يقر على الدين الذي انتقل إليه وجب أن يؤخذ جبرًا بالانتقال عنه إلى دين يؤمر به: وفي الدين الذي يؤمر به قولان:

أحدهما: دين الإسلام، أو غيره؛ لأنه انتقل إلى دين قد يكون مقرًا ببطلانه، وانتقل عن دين هو الآن مقر ببطلانه، فلم يجز أن يقر على واحد من الدينين؛ لإقراره ببطلانهما، فوجب أن يؤخذ بالرجوع إلى دين الحق، وهو الإسلام.

والثاني: أنه إذا انتقل إلى دين الإسلام أو إلى دينه الذي كان عليه أقر عليه؛ فنزل لأننا كنا قد صالحناه على الأول على دينه، وإن كان عندنا باطلًا فجاز أن يعاد إليه وإن كان عنده باطلًا، فعلى هذا اختلف أصحابنا في صفة دعائه إلى دينه الذي كان عليه على وجهين:

أحدهما: ويشبه أن يكون قول أبي إسحاق المروزي إننا ندعوه إلى العود إلى الإسلام، ولا يجوز أن يدعى إلى العود إلى الكفر، فإن عاد إلى دينه في الكفر أقر عليه؛ لأن الدعاء إلى الكفر معصية، ويجوز إذا لم يعلم أنه يقر عل دينه الذي كان عليه يقال له: نحن ندعوك إلى الإسلام، فإن عدت إلى دينك الذي كنت عليه أقررناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>