قال في الحاوي: وجملة ما يفعله أهل الذمة في بلادنا من عقد وأحكام ينقسم أربعة أقسام:
أحدها: ما كان جائزاً في شرعهم وشرعنا، فهم مفرون عليه في دينهم إذا ترافعوا إلينا فيه.
والثاني: ما كان باطلاً في شرعهم وشرعنا، فهم ممنوعون منه إذا ظهر لنا؛ لأنهم اقروا في دارنا على مقتضى شرعهم.
والثالث: ما كان جائزاً في شرعنا باطلاً في شرعهم، فيقرون عليهم؛ لأنهم فيه على حق، وفيما عداه باطل.
والرابع: ما كان باطلاً في شرعنا جائزاً في شرعهم، فإن تحاكموا فيه إلينا أبطلناه، وإن لم يتحاكموا فيه إلينا تركناه إن أخفوه، فإن أظهروه لنا فهو ضربان:
أحدهما: أن لا يتعلق بالمنكرات الظاهرة، كالمناكح الفاسدة والبيوع الباطلة، فيقرون عليها، ولا يمنعون منها.
والثاني: أن يكون من المنكرات الظاهرة، كالتظاهر بنكاح ذوات المحارم والمجاهرة بابتياع الخمور، والخنازير، فيمنعون، ويعزرون عليها؛ لأن دار الإسلام تمنع من المجاهرة بالمنكرات.
وفي نسخ عقودهم عليهم، وإن لم يتحاكموا فيها إلينا وجهان:
أحدهما: تفسخ عليهم؛ لأن المجاهرة ظهور منكر فيهم.
والثاني: أنها لا تفسخ عليهم، ويتركون في عقدها على ما يرونه في دينهم، لأن تجاهرهم بالكفر الذي يقرون عليه أعظم.
فأما ما تعلق بأفعالهم من دخول ضرر على مسلم أو معاهد من غيرهم، فيمنعون منه، وإن كانوا يعتقدونه ديناً؛ لأنهم يعتقدون إباحة دماء من خالفهم وأموالهم، ولا يقرون على استباحتها فكذا كل مضرة.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: "وإن جاءت امرأة رجل] منهم تستعدي بأنه طلقها أو آلى منها حكمت عليه حكمي على المسلمين وأمرته في الظهار أن لا يقربها حتى يكفر رقبة مؤمنة كما يؤدي الواجب من حد وجرحٍ وأرضٍ وإن لم يكفر عنه وأنفذ عتقه