أو إلى حاكمهم إلا أنهم إن تحاكموا إلينا أبطلنا الوصية، ومنعنا من البناء، وإن لم يتحاكموا إلينا منعنا من البناء، ولم نعترض للوصية.
فإن كانت الوصية بعمارة بيعة قد استهدمت أبطلنا الوصية إن ترافعوا إلينا، ومنعنا من البناء لبطلان الوصية،
وإن لم يترافعوا إلينا لم نعترض للوصية، فإن بنوها لم يمنعوا الاستحقاق إقرارهم الذي يقدم عليها.
ولو أوصى ببناء كنيسة أو بيعة في دار الحرب لم يعترض عليهم في الوصية، ولا في البناء؛ لأن أحكامنا لا تجري على دار الحرب، فإن ترافعوا في الوصية إلينا حكمنا بإبطالها، ولم نمنع من بنائها.
فصل:
فأما إذا أوصى ببناء دار يسكنها المارة من النصارى، فلذلك ضربان:
أحدهما: أن يجعل لمارة المسلمين بسكناها معهم، فهذه وصية جائزة.
والثاني: أن يجعلها خاصة لمارة النصارى، ففيها وجهان:
أحدهما: يجوز؛ لأنها للسكنى كالمنازل.
والوجه الثاني: لا يجوز أن تفردهم بها يقضي إلى اجتماعهم على كفرهم، وصلاتهم فيها، وقد قال الله تعالى: {فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأنفال: ٥٧].
فأما إن أوصى بالصدقة على فقراء اليهود والنصارى جاز، لقول الله تعالى: {ويُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا ويَتِيمًا وأَسِيرًا} [الإنسان: ٨]، وسواء كان هذا الموصي مسلماً أو ذمياً.
فصل:
ولو أوصى مسلم أو مشرك بعبد مسلم لمشرك، ففي الوصية ثلاثة أوجه:
أحدها: باطلة؛ لأنه غير مقر عليها، فلا يملك بها، وإن اسلم قبل قبولها.
والثاني: أنها صحيحة يملكه بها، ولو كان مقيماً على شركه، ويقال له: إن أسلمت أقر العبد على ملكك، وإن لم تسلم فبعه أو اعتقه، وإلا بيع عليك، فإن كاتبه أقر على كتابته حتى يؤدي، فيعتق أو يعجز، فيرق، ويباع عليه.
قد بيع سلمان في رقه، فاشتراه يهودي، ثم اسلم، فكاتب اليهودي على أن يغرس