للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشهادة جاز فيه كتاب القاضي إلى القاضي. وأما حقوق الله تعالى تدرأ بالشبهات وذكر في "الأم" يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في حقوق الناس من الأموال والجراح والقول في الحدود التي لله تعالى واحد من قولين، وذكر بعض أصحابنا أنه لا يقبل في الحدود قولًا واحدًا وهو غلط، وأما الثالث: فالحكم على الغائب لا يكون إلا بالبينة فإن ثبت عنده عدالة شهودها حكم بثبوتها وجاز أن يكتب إلى قاضي البلد الذي فيه الملك المستحق دون قاضي البلد الذي فيه المحكوم إن كان في عينه، وإن لم تثبت عنده عدالة الشهود وهم غرباء وذكر الطالب أن له بينة بتزكيتهم يقيمها عند قاضي بلدهم فللشهود ثلاثة أحوال: أحدهما: أن يكونوا من أهل البلد الذي فيه الملك وهو على العود إليه، فلا تسمع شهادتهم، وإن سمعها لم يكتب بها وقال للطالب: اذهب مع شهودك إلى قاضي بلدهم وبلد ملكك ليشهدوا عنده بما شهدوا به عندي، فإن كتب القضاة مختصه بما لم يمكن ثبوته بغيرها وثبوت هذا بالشهادة ممكن فلم يحكم فيه بالمكاتبة كالشهادة على الشهادة لا يحكم بها مع القدرة على شهود الأصل. والثانية: أن يكون الشهود من البلد الذي فيه الملك ولا يريدون العود إليه والبينة بتعديلهم فيه فيجوز أن يكتب القاضي بشهادتهم فيصير التعديل والحكم مختصًا بالقاضي المكتوب إليه، ويكون كتاب القاضي مقصورًا على نقل الشهادة ولا وجه لكاتبه الثاني إلى الأول بالتعديل ليقول الأول الحكم لأن الثاني قادر على تنفيذ الحكم فلم يحتج إلى الأول والثالثة: أن يكون الشهود في غير البلد الذي فيه الملك فيجوز للقاضي بعد سماع شهادتهم أن يكتب إلى قاضي بلدهم ويسأله عن عدالتهم فإن عرفها كتب بها إلى القاضي الأول ليتولى الأول الحكم بشهادتهم ويكون الثاني حاكمًا بعدالتهم ولا يجوز أن يقبل كتاب الثاني إلا بشهادة لأن كتاب الأول استخبار، وكتاب الثاني حكم.

وأما الرابع فإذا أحضر الطالب البينة بعبد ادعاه في يد المطلوب بغصب وحلاه الشهود بحليته ونعتوه باسمه وجنسه وصفته ففي الحكم بشهادتهم على ما ينقل من الأعيان الغائبة قولان: أحدهما: وهو المنصوص، وحكاه الشافعي عن أبي حنيفة ومحمد واختاره المزني لا يجوز حتى يشير الشهود إليها بالتعيين وهذا أصح وهو المعمول عليه لأن الصفات تتشابه والحلي تتماثل فلم يجز الحكم بها مع الاحتمال حتى يزول بالتعيين ويفارق ما لم ينقل لتعيينه بحدوده وموضعه بلا إشكال، ولأن المشهود به مجهول فلا يكفي فيه الوصف كما لا يكفي الوصف في المشهود له والقول الثاني أضافه كثير من أصحابنا إلى الشافعي رضي الله عنه وهو حكاية عن غيره يجوز لحفظ الحقوق على أهلها وقوع العلم بالصفات كما في العقود، وخرج ابن سريج وجهًا ثالثًا فقال: إن كان العبد المدعى غيبته يختص بوصف يندر وجوده في غيره كشامة في موضع من جسده أو أصبع زائدة أو كان مشهورًا من عبيد السلطان لا يشركه غيره في اسمه ومنزله وصفته يجوز الحكم به وإلا فلا يجوز وأجري ذلك مجرى الأنساب فيمن غاب إذا رفعت حتى تراخت وزال الإشكال فيما حكم بالشهادة، وإن قربت حتى اشتبه الاشتراك فيما لم يحكم بالشهادة إلا مع التعيين ولهذا التخريج وجه

<<  <  ج: ص:  >  >>