أحدهما: أن يطلب ذلك لن الولد قد مات فيجوز للقاضي أن يسمع بينته به ويكتب به إلى قاضي ذلك البلد ليحكم بميراث ولده.
والثانية: أن يذكر القاضي أن الولد حي وأنه في يد من استرق سمع البينة بنفسه وحريته وكتب به إلى قاضي ذلك البلد سواء ذكر اسم المسترق أو لم يذكره، ولو كان هذا في ملك لم تسمع البينة إلا بعد تسمية صاحب اليد لأن الملك ينتقل والحرية لا تنتقل، فإن كانت البينة شهدت لحرية الولد ولم تشهد بنسبه لم يسمعها ولم يكتب بها لأن الطالب إذا لم يثبت له نسب لم يثبت له حق في الطلب، ولو كانت البينة تشهد بالنسب دون الحرية فإن كان ثبوته موجبًا للحرية سمعها وكتب بها، وإن لم توجب الحرية لم يسمعها ولم يكتب بها.
الثالثة: أن لا يذكر الطالب استرقاق الولد ولا موته ولا يجوز أن يسمع البينة ولا يكتب بها لأنه لا يتعلق بها الحال حق لطالب ولا مطلوب.
وأما الفصل الثاني فيمن يكاتبه القاضي بحكمه على أربعة أقسام: مكاتبة القضاة، ومكاتبة الأمراء، ومكاتبة الشهود، ومكاتبة المحكوم عليه.
وأما قاضي البلد الذي فيه الملك المحكوم به وليس لمكاتبة غيرهما من القضاة وجه لأنه لا يتعلق على غيرهما شيء من حكمه، فإذا كتب إلى قاضي البلد الذي فيه الخصم المطلوب فانتقل المطلوب إلى بلد آخر أوصل الطالب كتابه إلى ذلك القاضي ويتنجز به كتابه إلى قاضي البلد الذي انتقل إليه، وجاز للقاضي الثاني أن يكتب به إلى قاضي البلد فإن عاد الطالب إلى القاضي الأول وسأله أن يكتب له إلى القاضي الثالث فالأولى القاضي الأول أن يستفيد منه الكتاب الأول ويكتب له كتابًا إلى القاضي الثالث، فإن لم يستعيده وذكر في الكتاب الثاني أنه قد كان كتب له هذا بعد الحكم إلى فلان الغائب حتى لا يتوصل بالكتابين إلى أن يأخذ بحق حقين.
وإن قال الطالب خصمي في بلد كذا ولا آمن أن ينتقل منه إلى غيره وسأل كتابين لم يجز أن يكتبهما وهو بالخيار بين أن يكتب إلى قاضي البلد الذي كان فيه المطلوب ليتنجز به الطالب كتاب ذلك القاضي إن خرج المطلوب إلى غيره، وأما أن يكتب كتابًا مرسلًا إلى من وصل كتابه إليه من سائر القضاة.
وهكذا لو لم يعرف البلد الذي فيه المطلوب كتب كتابًا مطلقًا يعم به جميع القضاة فأي قاضٍ كان المطلوب في بلده جاز أن يقبل كتابه، وقيل: فيه وجه لا يلزمه أن يكتب على هذا الوجه ما لم يكن مستقرًا في موضع، ولو كتب القاضي له كتابًا وتسلمه منه ثم ذكر أنه قد ضاع كتب له غيره على مثل نسخته لا يتغير فيه لفظ ولا معنى وذكر فيه أن الطالب قد كان تنجز غيره مثله وذكر أنه ضاع منه ليلًا يتم بالكتابين احتيال.
ويجوز أن يكون كتاب القاضي إلى القاضي على أحد ودهين: إما بالحكم بالحق ليكون الثاني مستوفيًا، وإما بثبوت الحق ليكون الثاني حاكمًا.
وأما الثاني: فهو مكاتبة أمير البلد الذي فيه الخصم المطلوب أو الملك المحكوم به