للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما القسم الرابع: فالكتاب إلى المحكوم عليه إلزام له وحكم عليه، فإن كان من غير أهل علمه لم يجز أن يكتب إليه ولا يجب إذا كتب إليه أن يلتزم كتابه ولا يقبله لأنه في طاعة غيره من القضاة، وإن كان من أهل علمه جاز أن يكتب إليه ولزمه إذا وصل إليه أن يقبله لأنه ملتزم بطاعته، فإن خرج إلى الطالب من حقه وإلا لزمه المسير مع الطالب إلى القاضي إذا دعاه إليه إن كان على مسافة أقل من يوم وليلة، وإن كان على أكثر منها لم يلزمه الحضور إلا بالاستحضار.

وأما الفصل الثالث منها وهو فيما يجب به قبول كتابه فقد ذكرنا أنه لا يقبل كتاب القاضي في الحكم إلا بشاهدين يتحملان الكتاب عنه ويشهدان به عند القاضي المكتوب إليه وإذا كان كذلك فلتحملها الكتاب شروط ولأدائها للكتاب شروط: فأما شروط تحمله فثلاثة: أحدها: أن يعلما ما فيه وعلمهما به يكون من أحد ثلاثة أوجه:

أحدها: إما أن يقرأه القاضي عليهما وإما أن يأمر من يقرأه عليهما بحضرته، وإما أن يقرأه الشاهدان عليه فإن لم يعلما ما فيه فقد ذكرنا أنه لا يجوز، فإن أراد الشاهدان في الكتاب المختوم أن يشهدا بالكتاب ولا يشهدان بما فيه ففيه وجهان:

أحدهما: يجوز لأنها شهادة بكتاب معين، والثاني: لا يجوز لأن الشهادة به لا تفيد لأن المقصود بها ما فيه، ولا يجوز للمكاتب قبوله للحكم بما فيه إلا بشهادة غيرهما.

والشرط الثاني: أن يقول القاضي لهما: هذا كتابي إلى القاضي فلان فاشهدا عليّ بما فيه فإن لم يقل لهما: هذا كتابي إلى فلان واقتصر بهما على عنوانه لم يجز. ولو قال لهما: هذا كتابي إلى فلان ولم يستدعهما للشهادة ولا أشهدا عليّ بما فيه ففي صحة العمل والإجزاء بهذا القول وحده وجهان: مخرجان من الوجهين إلى جواز الشهادة على المقر بالسماع من غير استدعاء المقر للشهود، فإن قلنا بجوازه جوز هذا في التحمل والأداء، وإن قلنا: لا يجوز هناك لا يجوز هنا.

والشرط الثالث: أن لا يغيب الكتاب عنهما بعد تحمل ما فيه إلا أن يكونا قد كتبا فيه شهادتهما ليتذكرا به صحة الكتاب ومعرفته، فإن غاب الكتاب عنهما قبل إثبات خطهما فيه لم يصح إلا أن يعيد القاضي قراءته عليهما ويقول لهما: هذا كتابي الذي أشهدتكما عليّ ما فيه إلى القاضي فلان؛ لأنه قد يتحمل أن يبدل في الغيبة بغيره.

وأما شروط أدائه إلى القاضي المكتوب إليه فثلاثة شروط: أحدها: أن يستديما الثقة بصحة الكتاب إما بأن لا يخرج عن أدائها، وإما بأن يكونا قد أثبنا فيه خطوطهما حتى تتحقق علامتهما فيه فإن تشككا فيه لم يصح أداؤهما فيه، والثاني: أن يصل إلى القاضي بمشهدهما إما من أيديهما أو من يد الطالب بحضرتهما فإن لم يشاهدا وصوله لم يصح الأداء، والثالث: أن يشهدا عند القاضي بما فيه بلفظ الشهادة دون الخبر، فإن قالاه بلفظ الخبر دون الشهادة، أو شهدا بالكتاب ولم يشهدا بما فيه لم يصح الأداء للحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>