بها، فأما كل صلاة لها سبب، فله فعلها في هذه الأوقات كلها من ذلك الفوائت، وصلاة النذور والجنائز وصلاة الخسوف والعيدين قضاء. ومن أدرك جماعة وكان قد صلاها، والنوافل الراتبة كالوتر وركعتي الفجر وغير ذلك من النوافل الراتبة مع الفرائض وسجود التلاوة والشكر. وأما تحية المسجد، ينظر فإن دخل المسجد في هذه الأوقات لغرض له مثل العبور فيه أو لينام فيه، أو يقرأ أو يكتب علماً أو يجلس فيه لحاجة دين أو دنيا، فالسنة أن يصلي ركعتي التحية، وإن كان دخوله لغير غرض، فيه وجهان
أحدهما: لا يصليها، لأنه يفضي إلى أن يتحرى النافلة في هذه الأوقات، وهو الأقيس.
والثاني: له أن يصليها، لأن سببها موجود، وهو دخول المسجد.
وحكي عن أبي عبد الله الزبيري من أصحابنا: أنه لا تجوز تحية المسجد مطلقاً، وقيل: هل يجوز قصد دخول المسجد للتحية؟ وجهان:
أحدهما: يجوز، لأن بعد الدخول قد وجا السبب.
والثاني: لا يجوز القصد إلى إحداث سببها كما لا يجوز القصد إلى الصلاة فيه. وأما ركعتا الإحرام، لا يجوز في الوقت المنهي لأن سببه متأخر عنها لا يتقدم عليها، فهو كصلاة لا سبب لها. فنقول له: أخر الإحرام وركعتيه.
وذكر بعض أصحابنا: أنه يجوز ذلك في الوقت المنهي لأنها صلاة لها سبب ذكره القاضي البندنيجي، وهو غلط، وإن ذكر في هذه الأوقات صلاة كانت ورده وعادته في وقت كمن عادته أن يصلي الضحى ركعتين أو يسجد في [١٨٦ أ / ٢] كل ليلة قدراً راتباً، فالحكم في سائر الناس مبني على حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها. وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "شغل عن ركعتين كان يصليهما بعد الظهر، فذكرهما بعد العصر، فصلاهما في بيت أم سلمة رضي الله عنها، وثبت أنه داوم على قضائهما بعد العصر قالت عائشة رضي الله عنها: "ما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً إلا وصلى تلك الركعتين". وأما غيره من الناس إذا ذكرها في هذه الأوقات قضاها فيها قولاً واحداً.
وذكر بعض أصحابنا: فيه وجهاً آخر أنه لا يقضي فيها وليس بشيء. وأما المداومة على القضاء في هذا الوقت كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجعل ذلك سبباً في فعل مثلها، هل يجوز؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
والثاني: وهو الأصح، لا يجوز له أن يداوم عليها، لأن التكرار ليس بسبب،