أحدهما: له ذلك، لأن الاستثناء لم يخص قوماً دون قوم.
والثاني: وهو المذهب ليس له ذلكء لأن المعنى في الرخصة أن الناس ندبوا إلى التبكير إلى الجمعة وإيصال الصلاة، فلو أخذوا بأن يرقبوا حين الاستواء لشق ذلك عليهم، ولعله يخفى على أكثرهم، ويؤدي مراعاة ذلك إلى تخطي رقاب الناس، وذلك مكروه ولا وجه لأن يقال بترك الصلاة قبله، لأنه إذا لم يصل ربما ينامء فينتقض وضوءه، ثم يشق عليه وعلى الناس الخروج للطهارة، وهذا المعنى معدوم فيمن ليس في الجامع، فلهذا لا يتنفل في هذا الوقت.
وقال أبو حنيفة:"النهي عام في جميع الأزمان، [١٨٧ أ / ٢] وجميع البلاد، وجميع الصلوات إلا عصر يومه عند اصفرار الشمس، فإن الوقتين المتعلقين بالفعل سلم جواز قضاء الفوائت، ولم يجوز الصلاة المنذورة، ولا ركعتي الطواف".
وقال ابن المنذر:"لا تكره الصلاة إلا بعد العصر حتى تصغر الشمس"، لأنه روي عن علي رضي الله عنه أنه "دخل فسطاطه فصلى ركعتين بعد العصر". وروي ذلك عن الزبير وابنه والنعمان ابن بشير وأبي أيوب الأنصاري وعائشة وتميم الداري رضي الله عنهم.
وقال داود:"يجوز فعل النافلة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع أيضاً". وقال مالك رحمه الله:"يقضي الفرائض في الأوقات المنهي عنها، ولا يصلي فيها النوافل أصلاً". وبه قال أحمد إلا أنه أجاز فيها ركعتي الطواف وصلاة الجنازة مع إمام الحي. وقال أحمد:"لا يجوز وقت الزوال يوم الجمعة".
واعلم أن الشافعي رحمه الله أورد في هذا الباب أخباراً عاقة في النهي، وأخباراً عامة في الإباحة، وأخباراً فيها تفصيل، فبدأ بما يدل على النهي عاماً، وهو ما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:"لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس".
قال: وعن أبي ذر رضي الله عنه مثل ذلك. وأخل المزني بالنقل؟ لأنه نقل لفظ أبي ذر في خبر أبي هريرة رضي الله عنه بأن أبا هريرة روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وبعد الصبح حتى تطلع الشمس".
وروى أبو ذر رضي الله عنه ما ذكرنا وزاد فيه:"إلا بمكة" على ما ذكرنا، فكان من حق المزني إذا أراد الاختصار أن ينقل خبر أبي هريرة بلفظه، ثم يقول، وعن أبي ذر مثل ذلك، أو يقول: خبر أبي ذر بلفظه، ثم يقول: وعن أبي هريرة مثل ذلك، ثم روى عن الصنابحي، وهو عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إن الشمس تطلع ومعها قرن