عمر: مازلت جائزاً مذ دخلنا عليم وعليك يا أمير المؤمنين وهنا يا أمير المؤمنين فاعف أمير المؤمنين ولم يعفيني منها إن عرفت شيئاً أخذته بيميني ثم حلف عمر أن النخل كلها لي وما لأبي بن كعب فيها حق فقال: والله إنك لصادق وما كنت تحلف إلا على حق ثم قال عمر لأبي: هي لك بعدما حلفت عليه, وروي أنه قال له بعدما حلفت [١٢/ ٤٨ أ] لا يرى زيد بن ثابت القضاء بعد هذا اليوم. . . . . وروي أن عليا رضيا الله عنه نازع يهودياً في درع, فتخاصما إلى شريح القاضي فصدره شريح فقال علي رضي الله عنه: لو كان خصمي مسلماً ما ارتفعت عليه ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" لا تسووا بينهم في مجالسهم ولا تعودوا مرضاهم ولا تشهدوا جنائزهم" قال صاحب " التقريب": إن صح الحديث وإلا سوى بينهم, واختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال فيه وجهان: أحدهما: يسوى بينهما كما في الدخول والكلام والثاني يقدم المسلم لخبر علي رضي الله عنه, ومن أصحابنا من قال: صح الخبر ولا يسوى بينهما وجهاً واحداً ورواه إبراهيم التميمي مشروحاً أن عليا رضي الله عنه عرف درعاً له مع يهودي فقال: يا يهودي درعي سقطت مني يوم الجمل فقال اليهودي: ما أدري ما تقول بيني وبينك قاضي المسلمين هذه درعي وفي يدي فانطلقا إلى شريح فلما رآه شريح قام عن مجلسه فأجلسه موضعه فجلس علي وأجلس اليهودي بين يديه فقال علي: لو كان خصمي مسلماً لجلست معه بين يديك ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الخير أورده ابن أبي أحمد وقال: بهذا أقول وروى عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن الخصمين يقعدان [١٢/ ٤٨ ب] بين يدي الحاكم", وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال:" قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجلس الخصمان بين يدي القاضي" واعلم أن المأخوذ عليه أن يسوي بينهما في الأفعال دون القلب فإن كان محبب إلى أحدهما: قلبه ويحب أن يفلح بحجته على الآخر فلا شيء عليه في ذلك لأنه لا يمكنه التسوية بينهما في القلب والقلوب بيد الله تعالى لا يستطاع التحرز من مثلها ومحبتها قال النبي صلى الله عليه وسلم: في القسم بين النساء هذا قسمي فيما أملم وأنت اعلم فيما لا أملك يعني قلبه وحبه لعائشة رضي الله عنها. ويستحب أن يجلس الخصمان بين يديه لما ذكرنا أن عبد الله بن الزبير خاصم عمرو بن الزبير فدخل عبد الله على سعيد بن العاص وعمر بن الزبير معه على السرير فقال سعيد لعبد الله: هنا فقال: لا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم قال ابن العاص: فإذا جلس الخصمان بين يديه أقبل عليهما بمجامع قلبه وفهمه وعليه السكينة والوقار ولا يمازح الخصم ولا يضاحكه ولا يشير إليه ولا يساره دون صاحبه.