للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غلول" وروي سحت ولأنه إنما يهدي إليه لخصومة حاضرة أو لخصومة يتوقعها وذلك لا يجوز. وإن أهدي إليه من جرت عادته بالإهداء إليه فإن كانت له خصومة حاضرة حرم عليه أخذها لأن الظاهر أنه أهدي إليه للخصومة, وإن لم يكن له خصومه يكره له أخذها ولا يحرم لأنه ربما يكون قد أهدي إليه لانتظار خصومة فيكره, ويجوز أن يكون جرى على عادته في الهدية فلا يجزه نص عليه, وقال في " الأم": وما أهدي له ذو رحم [١٢/ ٥٥ أ] أو ذو مودة كان يهاديه قبل الولاية فالتنزه أحب إلى , ولا بأس أن يقبل, ومن أصحابنا من قال: لا يجوز له قبولها للخبر وقال الصميري: فيه قولان وهذا غلط لأنه إذا كانت عادته جارية بذلك لم يكن من أجل الحكم فلا تهمة والخبر محمول على العمال من جهة الأمراء ويجري ذلك في حقهم مجرى الرشوة وقال أبو حنيفة وأصحابه: الهدية ممن لم تجر عادته بالإهداء إليه قبل القضاء تكره ولا تحرم, وإن أهدي إليه من غير عمله قال الشافعي: كرهت له ذلك فإن قبل فجائز فأجراه الشافعي مجرى من جرت عادته بالهدية, ومن أصحابنا من حرمها وليس بصحيح فإن قيل: أليس قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدايا, وقال:" لو أهدي إلي ذراع لقبلت" قلنا: الله تعالى ميزه عن الخلق فقال:" {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ} وقرئ وهو أب لهم لأنه كان يكافئ وقد كافأ الأعرابي الذي أهدى بعيراً حتى رضي ولأنه بعيد من الميل ميزه عن الظن فلا يقاس عليه.

فرع

إذا منعناه من قبولهما فقبل فماذا يصنع بها. فيه وجهان: أحدهما: يرد إلى بيت المال لأن في ذلك مصحة للمسلمين.

وقد روي أن عمر رضي الله عنه دخل على حفصة فرأى عليها قلادة من ذهب أهدت إليها ابنه هرقل فقال: أو أهدت إلى جميع نساء المسلمين مثل ذلك فقالت: لا فقال: افأهدت إليك [١٢/ ٥٥ ب] لمكانك مني فأخذها ووضعها في بيت المال قال أصحابنا: لعله احتياط لها في ذلك وفعل ذلك برضاها فإنه لا بأس بهذا لأنها ليست بوصية ولا قاضية. وروي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه قال: " إنما كانت الهدايا في أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وما سواها رشوة" والثاني يردها إلى صاحبها لأنه لم يملكها فإن مات صاحبها يردها إلى ورثته, فإن لم يكونوا وضعها في بيت المال لتنفق في مصالح المسلمين, وإن كان ورثته غيباً وضع في بيت المال للحفظ للورثة, وروي أن رجلاً أهدى إلى عمر رضي الله عنه رجل جذور وتحاكم إليه من بعد مع خصم وجعل يقول: فصل بيني وبينه كما تفصل رجل الجذور, فقال عمر: فما زال يذكرني حتى كدت أزيغ فقام وأخرج رجل الجذور ورده وقال: إن

<<  <  ج: ص:  >  >>