الفجر ولو طردتكم الخيل"، لأن ركعتي الفجر تحصر بعدد لا يزيد ولا ينقص، فتشبه فريضة الصبح بخلاف الوتر. ووجه القول الجديد، وهو الصحيح قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من لم يوتر فليس منا". وروى أبو سعيد الخدري رضي لله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من نسي الوتر أو نام عنه، فليصله إذا ذكر أو أصبح"، لان الناس اختلفوا في وجوب الوتر، ولم يختلفوا أن ركعتي الفجر سنة، ولان الشافعي رضي الله عنه، قال: "ويشبه أن يكون الوتر صلاة التهجد"، فإذا قلنا بالأول، فاولاً ركعتا الغجر، ثم ما عداهما، وإذا قلنا بالقول الثاني، فيه وجهان:
أحدهما: الوتر ثم ركعتا الفجر، ثم ما عداهما.
والثاني: الوتر ثم صلاة التهجد، ثم ركعتا الفجر، ذكره أبو إسحق، وهذا لأن قيام الليل كان نائباً عن الفرائض، وورد به القرآن، وهذا غير صحيح لما ذكرنا أن صلاة التهجد هي: الوتر ولهذا قال الشافعي: "من ترك واحدة منهما كان أسوأ حالاً ممن ترك جميع النوافل". وأراد به: الفجر وركعتي الوتر، فدل أنه لا ثالث بينهما، فإذا تقرر هذا رجعنا إلى حكم القضاء، فالصلوات على ثلاثة أضرب: صلاة تؤدى وتقضى، وهي الصلوات الخمس تؤدى في الوقت وتقضى في خارج الوقت، وصلاة تؤدى ولا تقضى بعد فوات وقتها، وهي كل صلاة تفعل لعارض، وهي صلاة الخوف والكسوف والاستقاء، وصلاة الجنازة تفعل لعارض، ولا تقضى، ولكن لا يفوت وقتها، فإن كل الزمان وقت لها، وصلاة تؤدى، وفي القضاء قولان، وهي كل نافلة لها وقت [١٩١ أ / ٢] راتب فوقت الوتر لا يريد قيام الليل عقيب فعل العشاء، ولا يزال وقته قائماً مع وقت العشاء، وفي وقته المختار قولان، كما ذكرنا في العشاء، ويبقى وقت جوازه إلى طلوع الفجر الثاني، فإذا طلع الفجر الثاني فقد دخل وقت ركعتي الفجر، ولا يزال وقتهما قائماً حتى تطلع الشمس، وقيل: وقتهما ممتد إلى زوال الشمس بظاهر لفظ الشافعي، وعندي هذا ضعيف، والأفضل تقديمهما على الفرض، فإن أخرهما جاز.
ووقت سنة الظهر حين تزول الشمس، ولا يزال وقتهما قائماً مع بقاء وقت الظهر، فإذا خرج وقت الظهر فات وقتهما، وليست مع العصر سنة راتبة، والمغرب سنتها عقيبها، فإذا فاتت هذه النوافل عن أوقاتها، هل تقضى؟ قد ذكرنا قولين:
قال في "القديم": "تقضى"، وهو الصحيح، وذكره في "الجديد" أيضاً على ما حكاه بعض أصحابنا، وهو اختيار المزني، وبه قال أحمد في رواية، ووجه خبر أم سلمة