للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع

استهلال الصبي يثبت بشهادة أربعة نسوة نص عليه الشافعي, ومن أصحابنا من قال فيه قول آخر لا يثبت إلا برجلين, لأنه يعلم ذلك من غير النظر إلي عورة المرأة والأول أصح لأنه لا يطلع عليه الرجال في تلك الحالة كالولادة, وأما شهادة رجلين ورجل وامرأتين تقبل في الولادة والاستهلال وعيوب النساء والرضاع بلا خلاف علي المذهب.

فرع آخر

العيب إذا كان في وجه المرأة وكفيها لا يقبل عند التنازع فيه إلا شهادة الرجال لخروجه عن العورة في حق الرجال, ولو كان في صدرها فهو عورة في الأجانب دون المحارم فيقبل فيه شهادة النساء, وقال أبو حنيفة رحمه الله: لا يقبل هنا شهادة النساء إلا علي الانفراد لإباحته لذوي المحارم كما قال في الرضاع, ودليلنا أنه لا يطلع الرجال عليه [١٢/ ١١٥ ب] غالبا كالولادة.

فرع آخر

هل للرجل أن يعتمد النظر إلي عورة المرأة لتحمل الشهادة؟ قال أبو إسحاق: يجوز في الزنا وغيره وهو الصحيح, واحتج بأن سعد بن عبادة قال: أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجل أمهله حتى آتي بأربعة شهداء فقال صلي الله عليه وسلم: ((نعم)) فدل علي أن للشهود أن يتعمدوا النظر إلي الموضع, ولأن أبا بكرة وغيره تعمدوا النظر إلي المغيرة في الحال التي كان عليها وشهدوا عليه بالزنا ولم ينكر أحد وهذا ظاهر كلام الشافعي, لأنه قال: وأقبل شهادة النساء فيما لا يجوز للرجال غير ذوي المحارم أن يتعمدوا إليه لغير شهادة وهذا يقتضي أنه يجوز تعمد النظر إليه للشهادة, وحكي ابن العاص عن ابن سلمة أنه قال: كنا نقول: شهادة الرجال في الرضاع لا تجوز إذا تعمدوا النظر وليس لهم أن ينظروا إلي ثدي المرأة لإقامة الشهادة وإنما يجوز ذلك إذا رأوه من غير قصد منهم.

وأما في الشهادة علي الزنا فلم يتعمدوا النظر إلي الفرج ليقيموا الشهادة وكنا نفرق بينهما بأن الزانيين هنا حرمة أنفسهما وليس كذلك المرضعة فيفسق بالنظر في غير الزنا دون الزنا وأيضا فلا يقبل في الزنا شهادة النساء فلو لم يجز للرجال أن [١٢/ ١١٦ أ] يتعمدوا النظر لإقامة الشهادة عليه أدي إلي بطلان حد الزنا وفي الرضاعة والولادة تقبل شهادة النساء فلم يجز للرجال النظر.

قال ابن سلمة: حتى وجدت في القرآن العظيم أن شهادة الرجال في الرضاعة والولادة جائزة رأوا مفاجأة أو تعمدوا النظر إذا قصدوا به أداء الشهادة, ويقول ابن سلمة يقول بعض أصحابنا الآن من غير رجوع للفرق الذي ذكره الإصطخري.

لا يجوز تعمد النظر في ذلك بحال لأن الناس في الزنا مندبون إلي الستر وفي غيره تقبل شهادة النساء علي الانفراد فلا حاجة للرجال إلي النظر في ذلك وهذا خلاف

<<  <  ج: ص:  >  >>