أن يتكلم في القرآن إلا حكاية عن غيره لقوله صل الله عليه وسلم:"من فسر القرآن برأيه فإن أصاب كتبت له خطيئة لو قسمت على أهل السموات والأرض وسعتهم، وإن أخطأ فليتبوأ مقعده من النار".
فرع
قد يكون التحمل فرضاً على الكفاية ويكون الأداء فرضاً على الأعيان وهو إذا كثروا عند التحمل وقلوا في الأداء، ولا يجوز أن يكون فرض التحمل على الأعيان وفرض الأداء على الكفاية؛ لأن الأداء يكون بعد التحمل والأغلب من التحمل أنه على الكفاية ومن الأداء أنه على الأعيان لأنه يكثر المتحملين ويقل عدد المؤدين ولذلك اختير أن يكون عدد المتحملين ثمانية، اثنان يموتان، واثنان يمرضان، واثنان يغيبان واثنان يحضران فيؤديان.
فرع آخر
قال بعض أصحابنا: فرض الأداء أغلظ من فرض التحمل للآية التي ذكرناها حيث قال: {فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}[البقرة: الآية ٢٨٣]، وقيل: أراد فاجر قلبه فيحمل على فسقه بكتمها في العموم، وقيل: يكتسب الإثم يكتمها فيحمل على مأثمه في الخصوص وقيل: خص القلب بها لأنه محل اكتساب الآثام وقيل: لأن القلب موضع العلم بها قال الله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ}[ق: الآية ٣٧].
فرع آخر
إذا بدأ باستدعاء أحدهم إلى تحمل الشهادة أو أدائها [١٢/ ١٣٤ ب] فقيه وجهان: أحدهما: يتعين عليه فرض الإجابة إلا أن يعلم أن غيره يجيب فلا يتعين عليه.
والثاني: لا يتعين عليه فرض الإجابة إلا أن يعلم أن غيره لا يجيب فعلى الوجه الأول يصير عاصياً حتى يجيب غيره وهو اختيار أبي إسحاق وهو الصحيح من المذهب وهو ظاهر من قول الشافعي رضي الله عنه وفرض القيام بالشهادة في الابتداء عند التحمل على الكفاية فدل أن الانتهاء خلاف الابتداء، وهكذا قال الجويني صاحب "المنهاج" وعلى هذا قال أبو إسحاق: لو تحمل عشرة شهادة ثم دعا صاحب الحق اثنين منعم ليس لهما أن يفوضا إلى غيرهما ويمتنعا من إقامتها اتكالاً على غيرهما لأنه فرض قد تقلده وألزمه نفسه فلا يكون له الامتناع إلا بإقامة الغير ذلك فيمتنع حينئذٍ لعلمه بأن فيمن شهد كفاية ولأن لصاحب الحق مطالبة الطاعن، وإن كان معه غيره لأنه قد التزمه بدخوله فيه ولأنه تعين بطلب الطالب منه ذلك، ولو جوزنا لكل اثنين منهم الامتناع هلك حق الرجل، وعلى الوجه الثاني لا ييصير عاصياً في الحال حتى يمتنع