قال: التطوع وجهان، ثم ذكر المسألة التي اعترض عليها في الباب قبله، وقال في أثنائه. قال الشافعي رضي الله عنه: مران فاتته ركعتا الفجر [١٩٣ أ / ٢] حتى تمام الظهر لم يقض، لأن أبا هريرة رضي الله عنه، قال:"إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة". وقد أخل بنقل خبر أبي هريرة ههنا من وجهين:
أحدهما: نقله موقوف عليه، وهو مرفوع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
والثاني: أوهم أن الشافعي استدل على أن ركعتي الفجر لا تقضى بعد الظهر بهذا، وليس كذلك،. بل استدل على أن من دخل المسجد، وقد أقيمت الصلاة لا يشتغل بركعتي الفجر. وهذا مذهبنا في الرجل إذا دخل والإمام في صلاة الصبح دخل معه في الفرض، ثم صلى بعد الفراغ منها ركعتي الفجر. وبه قال مالك.
وقال أبو حنيفة:"إن رجا إدراك ركعة من الفرض صلى ركعتي الفجر في رحبة المسجد أو في زاوية منه، ثم دخل معه في الفرض، وان خاف فوت الفريضة دخل معه في الفريضة، ولا يقضيها"، وهذا الخبر نص في هذا الموضع على خلاف ما قال.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: روي في هذا الخبر زيادة وهي أنه قيل: يا رسول الله، "وإن كانت ركعتي الفجر، قال: وان كانت ركعتي الفجر"، وروي أنه قيل:"ولا ركعتا الفجر؟ فقال: ولا ركعتا الفجر". ثم ذكر هذا أنه كيف يستحب في النوافل أن يصليها؟ وكيف يجوز أن يصليها؟.
وروي خبر ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:"صلاة الليل والنهار مثنى مثنى"، ونقل المزني هذا القدر وكان من حقه أن ينقل تمام الخبر، وهو قوله:"فإذا خشي أحدكم الصبح، فليوتر بركعة" لأنه عطف على هذا الخبر ما لم يخشى إلا بعد ذكر تمامه، وهو قوله في ذلك دلالتان إحداهما: أن النوافل مثنى مثنى.
والثانية: أن الوتر واحدة، وهذه الدلالة الثانية لا مخرج إلا في آخر الخبر الذي ترك المزني روايته، وجملة الكلام فيه أن نقول: الصلاة ضربان: فرض ونفل. والفرض فرضان: فرض العين كالصلوات الخمس، وفرض الكفاية كصلاة الجنازة، والنفل ضربان: سنة راتبة. وقد ذكرناها، وسنة يتبرع بها، [١٩٣ ب / ٢] فله ذلك،. أي عدد شاء.
وقيل: أفضل ما يتطوع به من العبادات التطوع بالصلاة كما أن أفضل الفرائض صلاة الغرض، وهذا لأنها تجمع من القرب ما لا يجمع غيرها. ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "خير