"قضى الله ورسوله في الحق بشاهدي عدلٍ فإن جاء بشاهدين أخذ حقه، وإن جاء بشاهد واحد حلف مع شاهده".
وأيضًا روى أبو داود بإسناده عن عمار بن شعيب بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جده الزبير رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشًا إلى بني العنبر فأخذ فيهم بركية من ناحية الطائف فاستاقهم [١٢/ ١٤٣ أ] إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فركبت فسبقتهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: "السلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته أتانا جندك فأخذونا وقد كنا أسلمنا وخضرمنا أذان النعم فلما قدم بلعنبر فشهد الرجل فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ألكم بينة على أنكم أسلمتم قبل أن تؤخذ في هذه الأيام قلت: نعم قال: من بينتك؟ قلت سمرة رجل من بني العنبر ورجل آخر سماه فشهد الرجل وأبي سمرة فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: قد أبى أن يشهد لك فتحلف مع شاهدك قلت: نعم فاستحلفني فحلفت بالله لقد أسلمنا يوم كذا وكذا وخضرمنا أذان النعم فقال: اذهبوا فقاسموهم أنصاف أموالهم ولا تسبوا ذراريهم لولا أن الله لا يحب ضلالة العمل ما رزقناكم عقالًا قال الزبير: فدعتني أمي فقالت: هذا الرجل أخذ بيتي فانصرفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: احبسه فأخذت بتلبيته وقمت معه بمكاننا ثم نظر إلينا نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما تريد من أسيرك؟ فأرسلته من يدي فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال للرجل رد عليه زربية أمه التي أخذت منها فقال: يا نبي الله إنها خرجت من يدي فاختلع نبي الله إنها خرجت من يدي فاختلع نبي الله صلى الله عليه وسلم سيف الرجل فأعطانيه فقال للرجل اذهب فزده أصوعًا من طعم قال: فزاد في أصوعًا من شعير". قوله خضرما أي قطعنا أطراف [١٢/ ١٤٣ ب] آذانها وكان ذلك في الأموال علامة بين من أسلم وبين من لم يسلم والمخضرمون قوم أدركوا الجاهلية وبقوا إلى أن أسلموا، ويقال: أصل الخضرمة خلط الشيء بالشيء وضلالة العمل بطلانه وذهاب نفعه يقال: طل اللبن في الماء إذا بطل وتلف، وقوله ما رزيناكم أصله رزأناكم بالهمز يعني ما نقصناكم من أموالكم عقالًا والزربية: الطنفسة فإن قيل: هذا استعمال اليمين مع الشاهد في غير الأموال وعندكم لا يجوز قلنا: قد قيل: قصد هذا المال لأن الإسلام يعصم المال كما يعصم الدم، ثم هو دليل على أنه يقضي باليمين مع الشاهد في الجملة ثم تركنا له البعض بدليل، وروى عمرو بن حزم والمغيرة بن شعبة قالا:"بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل رجلان يختصمان مع أحدهما شاهد على حقه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمين صاحب الحق مع شاهده فاقتطع بذلك حقه" وأما الآية التي ذكروها قلنا: الزيادة لا تكون نسخًا عندنا وعندهم أيضًا لا يكون نسخًا إذا لم يغير حكم المزيد وهذه الزيادة لا تغير حكم المزيد ولهذا زدتم النكول ولا يكون نسخًا أن نقول: وردت الآية في التحمل دون الأداء ولهذا قال تعالى: {تَضِلَّ احْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى}.