لو حلف المدعي مع شاهده فيما ذكرنا حكم له فإن قال: لا أحلف وامتنع كان القول قول المدعي عليه مع يمينه فإن حلف سقطت دعواه وليس للمدعي أن يحلف بعد ذلك مع شاهده لأن بامتناعه سقط حقه من اليمين ولا يشبه ذلك إقامة البينة بعد اليمين لأن اليمين فعله وهو قادر عليها فامتنع بخلاف البينة.
وقال بعض أصحابنا: لو انصرفنا عن هذا المجلس ثم عادا في مجلس آخر واستأنفا الدعوى [١٢/ ١٤٥ أ] وأقام لم يقض منها، والثاني القبول يبني على ملك سابق من حين مات الموصي فبالقبول يدخل في ملك ميتهم ثم يورث عنه وعلى هذا لو كان على أبيهم دين قضي منها ويقتسمون قسمة الميراث.
فرع آخر
لو نكلوا عن اليمين ثم ماتوا وأراد ورثتهم أن يحلفوا مع الشاهد فإن كان امتناعهم لنكولهم لا يجوز للورثة الحلف لأنهم أسقطوا حقهم من الأيمان بنكولهم، وإن خافوا فوقفوا عن الأيمان فيجوز للورثة أن يحلفوا وقد ذكرنا فيما مضى أن الدين عندنا لا يمنع ملك الورثة والتركة كالمرهونة به. وقال الإصطخري: ولو يملكوا بما أحاط بقدر الدين، وعند أبي حنيفة إن أحاط بكل التركة لم يملكوها، وإن أحاط ببعضها ملكوا كلها الحلاف وتأثير الخلاف فيما يحدث عن التركة من النماء قبل قضاء الدين كالثمرة والنتاج وكسب العبد تكون مضمونة إلى التركة في قول من جعلها باقية على ملك الميت يتعلق بها قضاء الدين ويظهر في الزكاة وزكاة الفطر.
مسألة: قال: وإن كان فيهم معتوه وقف حقه حتى يعقل فيحلف.
ظاهر هذا أن يستوفي حقه من الديون أو يستخرج من يد الورثة في الوصية، وليس المراد هذا وإنما أراد التوقف في استيفاء حقه وكيف يستوفي له شيء من الوصية أو من الميراث والبينة لم تكمل له؟ وقال [١٢/ ١٤٥ ب] أبو إسحاق: معناه أنه لم يمنع من اليمين إذا عقل في الرأي فيكون حقه من اليمين موقوفًا، ولم يرد به أن الشيء ينتزع من يد المدعي عليه ويجعل موقوفًا وقال صاحب "الإفصاح": يؤخذ نصيبه منه ويوقف بشاهد واحد فيه قولان كما قلنا هل له أن يطلب بالكفيل بشاهد ويمين فيه قولان، وكذلك إذا ادعى على أجنبي أنه قذف وأقام عليه شاهدًا واحدًا فهل يجوز حبسه إلى أن يقيم الشاهد الآخر فيه قولان ولا خلاف أنه إذا أقام شاهدين يحبس أو يطالب بالكفيل إلى أن يعدل الشاهدان لأن البينة قد تمت في الظاهر، فإذا تقرر هذا فإذا بلغ الطفل أو عقل المعتوه كان له أن يحلف، فإن حلف استحق، وإن نكل عن اليمين سقط حقه وإن مات قبل أن يعقل قام وارثه مقامه.